أنا الخبر ـ متابعة 

كتب الصحافي المتخصص في أخبار الرياضة حسن البصري بجريدة “الأخبار” في عددها الصادر اليوم الجمعة، مقالا مطولا عن الحكم الذي قاد مباراة قطر ضد الجزائر والتي انتهت بفوز “ثعالب الصحراء” وضمان تأهلهم للنهائي ماس العرب.. حسن البصري كشف عدد من المعطيات عن هذا الحكم ننشرها كاملة:

“كل من تابع مباراة قطر والجزائر برسم نصف نهائي كأس العرب، سيتوقف عند قاضي المباراة وحكمها البولوني سيمون مارتشينياك المثير للجدل.
كل من تابع أطوار هذه المواجهة سيعتقد بأن حالة سهو قد انتابت حكم المباراة، فلم يعلن عن نهايتها، أو أن عقارب ساعته قد تعطلت، بعد أن أضاف وقتا طويلا قارب العشرين دقيقة.
سيدخل سيمون موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، ومنح الجمهور”بونيس” فرجوي ضد كل أعراف وتقاليد الكرة.

لم يعبأ الحكم بالتنبيهات التي وصلته عبر اللاسلكي من الحكام المساعدين ومن غرفة “الفار” ومن مدرجات الملعب، ولم يهتم بالصفير القادم من كرسي البدلاء، فظل يركض خلف الكرة كالمجنون. ولولا ضربة الجزاء التي أعلنها لفائدة منتخب الجزائر لامتدت المواجهة إلى مطلع الفجر.

لأول مرة يغادر حكم رقعة الملعب تحت غضب الفريقين، ليس لأنه رجح كفة طرف على طرف آخر، بل لأنه أراد أن يكون نجما مطلقا للمباراة ويسحب بساط التوهج من اللاعبين، ويعيدنا إلى مباريات “الكابت ماجد” التي لا تنتهي.

في صحيفة سوابق هذا الحكم معارم ضد الروس والإنجليز والطليان والإسبان واليونان، وصراعات وصلت ردهات محاكم”فيفا”. مارتشينياك حكم يعشق “الشرع” يجالس محاميه أكثر مما يجالس حكامه المساعدين، رغم ذلك فهو مطلوب في الخليج العربي يدير مباريات ال”ديربي” الحارقة ويغادر المنطقة كمبعوث أممي تحفة حصانة “فيفا” من كل جوانبه.

FGrc3idWUBAAz64
قصة هذا الحكم مع الصفارة بدأت ببطاقة حمراء تلقاها من حكم متمكن، حين كان مارتشينياك لاعبا ولم يتقبل طرده. قال له الحكم وهو يأمره بمغادرة الملعب :”إذ كنت تعتقد أنها محاولة سهلة، فحاول القيام بها”.

ظل صدى هذه العبارة يتردد على مسامع سيمون، وحين خانته قدماه وأضحى زبونا لكرسي البدلاء، قرر أن يصبح حكما فتأتى له ذلك، بل إن الصدف قادته لملاقاة الحكم الذي أوحى له بالصفير، واعتذر له وشكره لأنه وجهه صوب المسلك السليم.

غيرت الصفارة مجرى حيلة هذا الرجل الذي أصبح أفضل حكم في بولونيا، وأضحى واحدا من السلالات التحكيمية المنقرضة، لأنه يذكرنا بكولينا الإيطالي بتقاسيمه الصارمة وصفارته القوية التي يسمعها من به صمم على حد قول المتنبي، غضب منه الجزائريون والقطريون وزملاؤه في غرفة “الفار” الذين لم يعرهم أدنى اهتمام، وكأنه حكم من زمن مضى لا يستعان فيه إلا بحاسة البصر. أما الباحثون عن لقب الروح الرياضية فسيمون يفسد حفلاتهم التنكرية بسبب شهيته المفتوحة للبطاقات الحمراء والصفراء.

61baced542360476931921aa
ما أحوجنا إلى حكم يمدد زمن الفرجة حين يلمس سخاء اللاعبين، ويشعر بأن المتفرجين يتمسكون بتلابيب المباراة فيرفضون توقف نبضها.

نريد حكما يوقف المباراة قبل انتهاء وقتها القانوني حين يسيطر الملل على أطوارها، وينال التثاؤب من المتفرجين فيستعجلون نهاية مشهد رتيب. فليس من السهل الوقوف في الملعب دون أن تلامس أقدامك ذلك الجلد المدور مع اثنين وعشرين لاعبا يركضون حولك لكنك لا تستطيع، ببساطة لأن اللحظة التي ستلمس فيها الكرة، سيتوقف الكوكب عن الدوران، لأنه وقتها سيتذكر كل الجمهور الموجود في الملعب والدتك لأنك أفسدت هجمة واعدة، وستفتح دكاكين التحليل لتخضعك لجلسات استنطاق، تعترف فيها بهفواتك بعد أداء القسم.

غاب حكامنا المغاربة عن كأس العرب، لأنهم يضبطون أوقاتهم على التسعين دقيقة، ويأتمرون بأوامر غرفة “الفار”، ولا يستمتعون بالمباريات كأنهم مجرد قطع أثاث تزيين المستطيل الأخضر.
بالأمس كان حكام مباريات الدوري المغربي ينتمون إلى سلك القضاء والأمن، واليوم يقف حكامنا بعد كل مباراة في قفص الاتهام لتبرير الصفير، لذا نضم صوتنا إلى من يطالب بضم قطاع التحكيم إلى وزارة العدل، أليسوا قضاة الملاعب؟”.

المقالات الأكثر قراءة

اترك تعليقاً