في خطوة تعكس حجم القلق الذي يخيّم على صانعي القرار في الجزائر جرّاء التطورات المتسارعة على الساحة الدولية، دعت لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان الجزائري إلى اتخاذ تدابير وقائية عاجلة، تشمل بناء ملاجئ ومنشآت مخصصة للحماية المدنية، تحسبًا لحالات الطوارئ والنزاعات المحتملة.
هذه الدعوة جاءت في سياق مناقشة مشروع قانون جديد للتعبئة العامة تعمل السلطات على تبنيه، بهدف رفع درجة الجاهزية الوطنية في مواجهة أي تهديدات محتملة.
اللجنة البرلمانية شددت على ضرورة الإسراع في توفير الوسائل اللوجستية اللازمة، وبناء ملاجئ آمنة، وتكييف البنية التحتية في مختلف أنحاء البلاد لتتوافق مع متطلبات التعبئة العامة، مؤكدة أن هذه التحركات تأتي استجابة لما وصفته بـ”التقلبات الحادة والمتسارعة في العلاقات الدولية”، والتي قد تفرز مستقبلاً سيناريوهات غير متوقعة تشمل أزمات عسكرية أو كوارث مدنية أو هجمات سيبرانية.
مشروع القانون الذي صادقت عليه الحكومة في 20 أبريل الماضي وأُحيل إلى البرلمان نهاية الشهر ذاته، يتضمن 69 مادة موزعة على سبعة فصول، ويستند إلى المادة 90 من الدستور الجزائري التي تمنح الدولة صلاحيات واسعة لتنظيم التعبئة العامة عند الضرورة. ويهدف القانون إلى تنظيم عملية تحضير وتنفيذ التعبئة، ضمن رؤية متكاملة لتعزيز “القدرة الدفاعية للأمة”، كما ورد في نص المشروع.
لكن بعض مضامين المشروع أثارت جدلاً واسعًا داخل الأوساط الحقوقية والسياسية، خصوصًا ما يتعلق بإمكانية إشراك المحبوسين في عمليات التعبئة العامة في حال استدعت الضرورة ذلك، وهو ما فتح باب النقاش حول مدى توافق هذا الإجراء مع مبادئ حقوق الإنسان.
كما يقترح المشروع تشديد العقوبات ضد كل من يعارض أو يرفض أو يعرقل إجراءات الدفاع الشعبي، حيث قد تصل العقوبات إلى السجن، مما أثار مخاوف من استخدام القانون لقمع الأصوات المعارضة تحت ذريعة الطوارئ.
وأوصت اللجنة أيضًا بإعادة تأهيل وتكييف المنشآت الحيوية والبنية التحتية الوطنية – بما في ذلك الطرق، الموانئ، والمطارات – لتكون قابلة للاستغلال الفوري في حالات الأزمات، سواء تعلق الأمر بتحركات عسكرية أو عمليات إجلاء أو نقل لوجستي سريع، مما يعكس توجهًا نحو رفع مستوى الاستعداد الشامل لأي طارئ قد يهدد الأمن القومي.
وفي موازاة ذلك، لم تغفل اللجنة عن التهديدات غير التقليدية، وعلى رأسها الأمن السيبراني، إذ دعا تقريرها إلى تعزيز القدرات التكنولوجية الجزائرية في هذا المجال، وتشجيع الباحثين والمخترعين المحليين على تطوير منظومات وطنية للمعلومات والاتصال، في مسعى لمواجهة التأثير المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية، التي اعتبرتها اللجنة “نافذة محتملة للتجسس والتضليل والدعاية المعادية”.
وخلصت اللجنة إلى أن القانون الجديد والتوصيات المرتبطة به، يُشكلان خطوة استباقية ضرورية في ظل عالم متقلب ومليء بالتحديات، مؤكدة أن تعزيز الجاهزية الوطنية على كل المستويات لم يعد خيارًا بل ضرورة حتمية لحماية السيادة الوطنية وضمان الأمن الداخلي في مرحلة حساسة من تاريخ المنطقة والعالم.
التعاليق (0)