في خطوة استراتيجية لافتة تعكس طموحات المغرب المتنامية نحو تطوير قاعدة صناعية دفاعية وطنية متقدمة، تستعد شركة “بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems) البريطانية العملاقة، الرائدة عالمياً في مجالات الطيران والدفاع والأمن السيبراني، لترسيخ وجودها بشكل ملموس في المملكة.
ويأتي هذا التطور الهام ليعزز مساعي المغرب الحثيثة نحو تحقيق درجة أكبر من الاكتفاء الذاتي وتعزيز قدراته النوعية في هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي.
ومن المنتظر، وفقاً لمعلومات متواترة، أن يتم في القريب العاجل توقيع بروتوكول اتفاق رسمي بين الأطراف المعنية، وهي شركة “بي إيه إي سيستمز” من جهة، وكل من إدارة الدفاع الوطني المغربية والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE) من جهة أخرى.
ويهدف هذا الاتفاق الثلاثي إلى إرساء إطار استثماري متخصص ومتكامل في قطاع الصناعات الدفاعية بالمغرب، مما يفتح آفاقاً واعدة لنقل التكنولوجيا المتقدمة، وتوطين الخبرات والمعارف الدقيقة، وتأهيل الكفاءات الوطنية في هذا المجال الذي يتطلب دقة ومهارة عاليتين.
ويندرج هذا التوجه المغربي ضمن استراتيجية أوسع لتنويع الشراكات، على غرار التحالفات الاستراتيجية الأخرى التي أبرمتها المملكة مؤخراً، كتلك التي جمعتها بمجموعة “تاتا” الهندية، مما يؤكد عزم المغرب على تعزيز قدراته التصنيعية العسكرية وتنويع مصادر التكنولوجيا.
وتُعتبر شركة “بي إيه إي سيستمز” لاعباً محورياً وذا وزن ثقيل في الساحة الدولية للصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة. حيث تمتد أنشطتها لتشمل طيفاً واسعاً ومتنوعاً من المجالات الحساسة، بدءاً من تصميم وتصنيع الطائرات المقاتلة وأنظمة الطيران المتطورة، مروراً بتطوير حلول الأمن السيبراني المبتكرة لمواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة، وصولاً إلى إنتاج أنظمة المدفعية الثقيلة، والمركبات المدرعة المتطورة، وحتى الغواصات النووية التي تُعد من بين الأكثر تطوراً وفتكاً في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاهتمام المتزايد من قبل الشركات العالمية الكبرى بالمغرب يتزامن مع تحركات جيوسياسية إقليمية ودولية تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية وتحديث الترسانات العسكرية.
ففي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، أبرمت المملكة المتحدة اتفاقاً استراتيجياً مع الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تقوية قدرات الطرفين في مجال التسليح، وهو ما من شأنه أن يعود بالنفع المباشر على شركات كبرى مثل “بي إيه إي سيستمز” من خلال فتح أسواق جديدة وتوسيع نطاق مشاريعها الطموحة.
وفي سياق متصل، تخطط الحكومة البريطانية لاستثمارات ضخمة تشمل بناء مصانع جديدة لإنتاج الذخائر، وزيادة حجم أسطولها من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، مما يعكس توجهاً عالمياً نحو تعزيز مقومات الأمن والدفاع في مواجهة التحديات المتغيرة.
التعاليق (0)