الصين تفتح الباب لموقف داعم من بشأن الصحراء المغربية وفي التفاصيل، شهدت العلاقات المغربية الصينية تطورًا لافتًا في الآونة الأخيرة، حيث بدأت مؤشرات جديدة تلوح في الأفق بشأن إمكانية خروج الصين من منطقة الحياد التقليدي بخصوص ملف الصحراء المغربية، في ظل شراكة استراتيجية متنامية بين الرباط وبكين.
في هذا السياق، عقدت سميرة سيطايل، سفيرة المغرب في فرنسا، لقاء ثنائيا وصف بالمهم مع السفير الصيني في باريس، دينغ لي، تناول قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك. ورغم تحفظ الجانبين على كشف تفاصيل ما جرى خلال الاجتماع، إلا أن مصادر دبلوماسية رجّحت أن ملف الصحراء المغربية كان ضمن أولويات الحوار، خاصة في ظل تنامي الضغط المغربي على بكين لاتخاذ موقف واضح ومباشر من النزاع المفتعل.
وجاء هذا اللقاء في أعقاب سلسلة من الرسائل غير الرسمية بعث بها أعضاء بارزون في الحزب الشيوعي إلى قيادات عليا بالحكومة، تشير إلى الاهتمام المغربي الكبير بالحصول على دعم صيني صريح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
التقارب المغربي–الصيني لم يتوقف عند البوابة الدبلوماسية، بل تجسد في زيارات متبادلة بين وفود حزبية وبرلمانية مغربية من جهة، ومسؤولين رفيعي المستوى من الحزب الشيوعي من جهة أخرى، ما يعكس رغبة الطرفين في تعزيز أواصر التعاون السياسي والاقتصادي بما يخدم مصالحهما المشتركة.
الاهتمام الإعلامي بهذا التقارب بلغ ذروته عقب الزيارة الخاطفة والمفاجئة للرئيس شي جين بينغ إلى مدينة الدار البيضاء، أثناء عودته من جولة في أمريكا الجنوبية. الزيارة، التي لم تكن مدرجة على جدول أعماله الرسمي، فُسّرت على نطاق واسع بأنها بادرة مجاملة قوية تجاه المغرب، ورسالة سياسية مشفرة بشأن مكانة الرباط في السياسة الخارجية الصينية.
وأوضحت وكالة الأنباء “شينخوا” في تقرير مفصل، أن هدف الزيارة كان التعبير عن رغبة بكين في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية مع المغرب إلى مستوى أعلى، في ضوء الفرص الاستثمارية الهائلة التي يتيحها برنامج التنمية المغربي، لا سيما مع اقتراب موعد تنظيم المملكة لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
في تصريحات سابقة له، أكد الرئيس الصيني استعداد بلاده “للعمل مع المغرب على تنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، والمؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون المشترك”، مشددًا على أهمية “تحقيق نتائج ملموسة في إطار مبادرة الحزام والطريق”.
وفي إشارة ذات دلالة سياسية، قال شي جين بينغ إن الصين تدعم جهود المغرب في الحفاظ على أمنه واستقراره الوطني، وهي عبارة فسّرها متابعون على أنها تفتح الباب أمام دعم محتمل لسيادة المغرب على الصحراء.
خلال الاستقبال الرسمي الذي خُصص للرئيس الصيني، نقل ولي العهد الأمير مولاي الحسن رسالة من الملك محمد السادس عبّر فيها عن امتنان المغرب للدعم الصيني خلال جائحة كوفيد-19، مؤكدًا أن “الشعب المغربي لن ينسى هذا الموقف”، ومضيفًا أن البلدين “يتقاسمان مواقف متشابهة بشأن عدد من القضايا الدولية”.
وكان لافتًا أن الرسالة المغربية ركّزت على مبدأ المعاملة بالمثل: فكما يعترف المغرب بـ”صين واحدة” ويدعم سيادة بكين على أراضيها، فإن الرباط تنتظر منها أن تعترف بدورها بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، انسجامًا مع مبدأ “مغرب واحد” الذي أصبح عنصرًا ثابتًا في الخطاب الدبلوماسي المغربي.
التعاليق (0)