في خطوة استفزازية أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الجزائر عن قرار بوقف جميع الواردات والصادرات مع فرنسا، مستثنيةً فقط الشحنات التي تم تصديرها قبل شهر نوفمبر.

جاء هذا القرار في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط، حيث أكد دعمه العلني للموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية.

وقد وصف السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافييه درينكور، في تغريدة له على منصة “إكس”، القرار الجزائري بأنه “ضربة قوية” للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، محذراً من تداعيات خطيرة قد تؤثر على كلا الطرفين في المستقبل القريب.

كما أكدت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية أن هذا القرار، إذا تم تأكيده بشكل رسمي من قبل السلطات الفرنسية، سيعني فعلياً تعليق العلاقات التجارية بين البلدين.

وبحسب “لوفيغارو”، تم إبلاغ “الرابطة المهنية للبنوك والمؤسسات المالية” (Abef) شفهياً بهذا القرار يوم الاثنين 4 نوفمبر، ليصبح من المستحيل تنفيذ أي عمليات استيراد أو تصدير بين الجزائر وفرنسا.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القرار قد يكون جزءاً من سلسلة قرارات بدأت منذ يوليو الماضي، عندما أعلنت فرنسا اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، مما أثار استياءً كبيراً لدى قصر المرادية وفتح الباب أمام أزمة دبلوماسية جديدة.

ورصدت الصحيفة أيضاً مؤشرات على توتر العلاقات التجارية بين البلدين منذ بداية شهر أكتوبر، حيث حذرت وكالة “Algex” الجزائرية، المسؤولة عن إصدار تراخيص الاستيراد والتصدير، الشركات المحلية من أن تراخيص استيراد المنتجات الفرنسية لن تصدر بعد الآن، مطالبةً إياها بالبحث عن موردين آخرين.

يأتي هذا القرار بتداعيات ثقيلة على قطاعات اقتصادية مهمة، منها قطاع التمور الجزائري الذي كان يستعد لتصدير محصوله إلى السوق الفرنسية.

وصرح أحد المستوردين بأن هذا القرار سيكون كارثياً على المنتجين المحليين الذين وصلوا إلى مرحلة الحصاد الكاملة، وقد يواجهون صعوبات كبيرة في تصدير منتجاتهم إلى أوروبا.

وتعليقا على هذه القرار  قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “الزيارة التاريخية الناجحة للرئيس ايمانويل ماكرون إلى الرباط أصابت حكام قصر المرادية بالجنون، رغم محاولات التغطية عليها بزيارات خارجية فاشلة وبدون أجندة للرئيس تبون”.

ووأشار المتحدث أنه “عمليا، مثل هذه المواقف المرتبكة ليست غريبة عن العقل السياسي الحاكم في الجزائر التي تنجر إلى ردود الأفعال والعشوائية في اتخاذ القرارات، خاصة إذا تعلق الأمر بقضية الصحراء المغربية”.

وأكد أن “من المستحيل نجاح مثل هذه الضغوط الاقتصادية والتجارية على بلد من حجم فرنسا لثلاثة أسباب رئيسية”، أولها مرتبط بـ”اعتماد الجزائر بشكل حيوي على المنتجات الفرنسية وارتباط الاقتصاد الجزائري مع فرنسا بشكل وثيق”.

ثاني الأسباب كون “فرنسا اتخذت خياراتها وحسمت توجهاتها بناء على علاقات تاريخية مع المغرب وانتصارا لمصالحها الاستراتيجية”، أما ثالثها، يواصل بلوان، فهو “غياب استراتيجية واضحة للنظام الجزائري في التعاطي مع الملف، وقد جرب الضغوط الاقتصادية والتجارية والطاقية نفسها على إسبانيا إثر اعترافها بمغربية الصحراء، لكنها باءت بالفشل”.

وخلص الباحث في العلاقات الدولية إلى أن “مثل هذه القرارات المرتبكة تؤكد مرة أخرى أن قصر المرادية طرف مباشر في النزاع المفتعل، كما تؤكد استمرار معاناة الشعب الجزائري الذي يدفع الثمن جراء قرارات مستهجنة لنظام فاسد مريض بعقدة العداء المجاني للمملكة المغربية وسيادتها”.

اترك تعليقاً