يشهد المغرب خلال صيف 2025 موجات حرّ شديدة، تجاوزت خلالها درجات الحرارة في بعض المناطق 46 درجة مئوية، وهو رقم يقترب من المستويات القياسية المُسجّلة في السنوات الماضية.
هذا الارتفاع الحاد لم يمرّ دون تأثيرات ملموسة على الدورة الهيدرولوجية وديناميكية الغلاف الجوي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول تأثير هذا “الصيف الحارق” على مستوى التساقطات خلال الشتاء المقبل.
☀️ الحرارة مرتفعة = تبخر أعلى
فيزيائيًا، كلما ارتفعت درجة حرارة الهواء، ازدادت قدرته على احتجاز بخار الماء. وعند درجات حرارة تفوق 40°، تشهد المسطحات المائية من بحار، أنهار، وسدود، تسارعًا في عمليات التبخر. وهذا ما يحدث فعلاً حاليًا في المغرب، حيث تؤدي الحرارة المرتفعة إلى فقدان كميات هائلة من المياه السطحية، تُضاف إلى الغلاف الجوي على شكل رطوبة.
وفقًا لدراسات مناخية، فإن كل درجة ارتفاع إضافية في حرارة الهواء تزيد من التبخر بنسبة قد تصل إلى 7%، مما يعني أن صيفًا بحرارة 46° ينتج عنه مخزون ضخم من الرطوبة في الجو، قد لا يظهر أثره الفعلي إلا في الفصول المقبلة، وتحديدًا في الشتاء.
🌧️ ماذا يعني ذلك لفصل الشتاء؟
إذا ما اقترنت هذه الكتل الرطبة بتغيرات في التيارات الهوائية، خاصة عودة التيار النفاث (Jet Stream) نحو عرض المنطقة المغاربية خلال الشتاء، فقد يتسبب ذلك في تشكل اضطرابات جوية واسعة النطاق.
هذه الاضطرابات قد تنتج عنها عواصف متوسطية أو أمطار ديمية غزيرة، خصوصًا إذا تمكّنت تلك الكتل الهوائية الرطبة من الالتقاء بهواء بارد قادم من الشمال.
🛰️ النماذج المناخية.. هل تؤكد هذا الاحتمال؟
عدد من النماذج الجوية بعيدة المدى بدأت تُلمّح إلى نشاط مطري محتمل خلال شتاء 2025-2026، خصوصًا في حوض البحر الأبيض المتوسط.
لكن، تبقى هذه التوقعات في مراحلها المبكرة، ويُوصى بمتابعة تطورات المعاملات الجوية الكبرى (مثل ظاهرة النينيو والقطب الشمالي القطبي AO) التي تلعب دورًا مهمًا في توجيه الأنظمة المطرية نحو المغرب.
📅 جدول توضيحي:
درجة الحرارة (°م) | معدل التبخر التقديري (ملم/اليوم) | كمية الرطوبة المحتملة في الغلاف الجوي (جم/م³) | تأثير محتمل على الأمطار |
---|---|---|---|
25° | 4 | 23 | معتدل |
30° | 6 | 30 | متوسط |
35° | 8 | 38 | محتمل مرتفع |
40° | 10 | 47 | مرجّح جداً |
46° | 13+ | 55+ | احتمال أمطار قوية |
✅ خلاصة علمية:
ارتفاع الحرارة هذا الصيف يسهم بشكل مباشر في تبخر كميات كبيرة من المياه.
الرطوبة الناتجة عن ذلك تتراكم في الغلاف الجوي، ما قد يهيئ الظروف لأمطار قوية لاحقًا.
فصل الشتاء القادم قد يحمل تساقطات مهمة، إذا توفرت الظروف الجوية المناسبة لاندماج الرطوبة مع كتل هوائية باردة.
العامل الحاسم يبقى في تطور التيارات الجوية العالمية خلال الخريف وبداية الشتاء.
🔭 توصية للمهتمين:
ينبغي مراقبة النشرات الفصلية والتوقعات الجوية بعيدة المدى خلال الأسابيع المقبلة، لأن تسلسل الظواهر المناخية الحالية قد يكون مقدمة لشتاء غير معتاد، إن شاء الله، يحمل معه خيرات السماء بعد صيف لاهب.
التعاليق (0)