يسود اعتقاد لدى الكثيرين بأن الصيام ي ضعف التركيز والقدرة على تحمل الأعباء المعتادة، مما يؤثر سلبا على مردودية العاملين خلال شهر رمضان، غير أن أخصائيين يؤكدون أن الصيام يزيد من درجة اليقظة لدى الإنسان، شريطة التأقلم مع خصوصيات هذا الشهر المبارك من خلال الالتزام بنظام غذائي متوازن، وتنظيم أوقات النوم.

وي فسر الخمول خلال شهر رمضان بالأساس، بقلة ساعات النوم ونوعية النظام الغذائي المتبع، بما في ذلك جودة وعدد الوجبات المستهلكة خلال ساعات الإفطار، وانخفاض الطاقة الجسدية للصائم وعدم القدرة على أداء الأنشطة التي تتطلب التركيز، مما يؤثر على إنتاجية العمل.

وتفسر الدكتورة إكرام تيكور، أخصائية التغذية العلاجية، حالة الخمول خلال فترة الصيام بانخفاض طاقة الجسم التي يستمدها أثناء الصوم من الدهون المخزنة بعد أن كان يستمدها مباشرة من الأغذية، وهذه العملية تؤدي إلى الشعور بالتعب.

وأوضحت إكرام تيكور في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الحديث عن الصيام يبدأ بعد ثمان ساعات من تناول آخر وجبة، أي بعد انتهاء عملية الهضم، وهو ما يفسر الشعور بالعياء خلال الأيام الأولى من الصيام.

وفي المقابل، تؤكد الأخصائية، أنه بعد فترة التأقلم، فإن الصيام، في حالة تناول الأطعمة التي تحتوي على المغذيات التي يحتاجها الجسم، ي نتج حالة من الصفاء الذهني ويحسن استقرار المزاج والحالة العصبية والنفسية، ويزيد من قوة التركيز.

وهكذا، فإن الشعور بالخمول والكسل الذي يؤدي إلى ضعف إنتاجية وجودة العمل خلال رمضان قد يعزى إلى حالة نفسية أو معتقدات خاطئة. وفي هذا الصدد، يؤكد أستاذ علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، أن الصيام يدعم عمل الدماغ ويجود الأداء الفكري والدماغي للإنسان، مشيرا إلى أن الدراسات برهنت على أن الصوم يقوي من أدوار الدماغ، بما فيها الذاكرة والعلاج الدماغي للقضايا التي يتناولها الشخص كالملاحظة والفهم والتمييز والمقارنة والاستنباط.

وأوضح بنزاكور في تصريح مماثل، أن هذه الآليات التي يشتغل بها الدماغ تتقوى مع الصيام لأنه يحسن من صحة الدماغ ويزيد من إنتاج الخلايا العصبية وبالتالي فإنه يؤدي وظائفه على أحسن وجه.

وبخصوص علاقة الصيام بما يلاحظ في رمضان من خمول وعدم فعالية في العمل، اعتبر أستاذ علم النفس الاجتماعي أن الكسل بداعي الصيام ليس إلا عذرا يتخذه الشخص لتبرير السلوك الذي يتسم به البعض من خمول وتكاسل وعدم الرغبة في أداء المهام والوظائف المنوطة به.

وبالتالي، فإن الصوم “ليس مسؤولا لا من قريب ولا من بعيد عن هذه السلوكات المرتبطة بشهر رمضان، والمتمثلة في استصعاب العمل وتدني مستوى الإنتاجية، بالإضافة إلى الاندفاعات الانفعالية والتوتر الملاحظ خلال شهر رمضان”، بحسب محسن بنزاكور.

وقال إن الأمر لا يعدو أن يكون “قناعات واهية مبنية على تبريرات تزكي هذا الخمول”، مؤكدا أن الصيام “إقلاع عن العشوائية والكسل إذا تم فهمه بشكل صحيح، حيث إن النفس تصبح أكثر إقبالا على العطاء”.

وشدد على أن الصيام لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال، إلا دافعا قويا إلى العمل والاجتهاد والمثابرة، مشيرا إلى أن العشر الأواخر من رمضان تدل على أن الشهر الفضيل ليس مطية للكسل والخمول، بدليل أن المطلوب خلال هذه الأيام الأخيرة من الشهر، يتمثل في زيادة العمل والاجتهاد والقيام وقراءة القرآن والصبر على ذلك.

وأضاف أن هذه الصورة التعبدية تدل على أن العمل في رمضان يجب أن يضاعف وأن الإسقاطات على المستوى الاجتماعي الآني أو المستقبلي لا يمكن أن تكون إلا لصالح المجتمع، لأن رمضان يزكي هذه الرغبة في الإنتاجية وتحدي العراقيل بقوة الصبر والعطاء.

المقالات الأكثر قراءة

اترك تعليقاً