كشفت دراسة حديثة أعدّها موقع “DRH.ma” المتخصص في شؤون الموارد البشرية، عن تحولات كبرى تُهدد مستقبل سوق الشغل بالمغرب، وسط توقعات بتسارع رقمي غير مسبوق، وندرة متزايدة في الكفاءات الحيوية. وقد شمل الاستطلاع 232 مديرًا للموارد البشرية في شركات مغربية يتجاوز عدد موظفيها 250 شخصًا، مما يمنح نتائجه وزنًا عمليًا كبيرًا.
رقمنة شاملة وتراجع المهارات التقنية!
أجمع 96% من المشاركين على أن التحول الرقمي سيكون العنوان الأبرز للسنوات المقبلة، يليه نقص الكفاءات بنسبة 84%، ثم أتمتة المهام (55%) والعمل عن بُعد (49%). في المقابل، تراجعت قضايا مثل شيخوخة اليد العاملة وعولمة المواهب في سلم الأولويات.
سوق الشغل.. تحديات استراتيجية ومعركة المواهب
ترى الأغلبية الساحقة من مديري الموارد البشرية أن تحويل النماذج التنظيمية (98%) واستقطاب الكفاءات (97%) وإعادة تعريف القيادة (95%) تمثل الأولويات القصوى لمواجهة التحولات. لكن اللافت أن التدريب المستمر وتنمية المهارات لم يحصلا سوى على 31% من الاهتمام، ما يُظهر فجوة في مقاربة هذه المرحلة الانتقالية.
سوق الشغل والذكاء الاصطناعي
في لقاء استراتيجي نظمته “LinkedIn” وشريكتها بالمغرب “Trusted Advisors”، طُرحت تساؤلات عميقة حول دور الذكاء الاصطناعي في إعادة رسم ملامح سوق الشغل. وبينما يرى 87% من المسؤولين أنه سيكون له دور حاسم، إلا أن دمجه الفعلي في الاستراتيجيات لا يزال في مراحله الأولى، وسط حذر واضح.
بيئة العمل المتناغمة.. التوازن كلمة السر
أشار 81% من المشاركين إلى أن توازن الأداء مع الرفاهية هو الأساس لبيئة عمل ناجحة. كما اعتُبرت الإدارة التشاركية والتعاون بين الفرق ومرونة نمط العمل من العوامل الحاسمة، مقابل حضور باهت للاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا والثقافة الشاملة.
المهارات الشخصية تتصدر… والتقنية تتراجع
الغريب في نتائج الدراسة أن المهارات السلوكية تفوقت بشكل لافت على الرقمية، حيث حلّت القيادة والإبداع والذكاء العاطفي والتعلم الذاتي في المراتب الأولى، في حين تراجعت المهارات الرقمية إلى المرتبة الخامسة بنسبة 43% فقط، ما يطرح تساؤلات حول مدى جاهزية الشركات فعليًا للتحول الرقمي.
التكوين والتعليم المهني… أولوية للبقاء
أكد 88% من المشاركين أن التعليم والتكوين المهني يمثلان حجر الزاوية لمواكبة التحولات، إلى جانب تعزيز التنوع والمساواة، وتشجيع ريادة الأعمال، وتحديث العقليات، وتطوير النظم الرقمية الجهوية.
رسالة إلى صناع القرار
تُحذر الدراسة من فجوة استراتيجية بين التحولات الرقمية الحتمية والرافعات التي تعتمدها المؤسسات حاليًا. وبينما تُظهر النتائج وعيًا عاليًا بالتحديات، فإن التنفيذ العملي لا يزال في طور التشكل، ما يفرض على المؤسسات المغربية مضاعفة الجهود لتحقيق التوازن بين التحول التقني والجاهزية البشرية.
التعاليق (0)