في خضم معركة شرسة تزداد ضراوة يوماً بعد يوم، واصلت صادرات الملابس المغربية زحفها العنيد نحو أسواق الاتحاد الأوروبي خلال الربع الأول من عام 2025، مؤكدة بذلك الديناميكية الإيجابية التي بدأت تظهر في عام 2024.
ووفقًا لأحدث الأرقام المرعبة التي كشف عنها السيد جان فرانسوا ليمانتور، رئيس الدائرة الأورومتوسطية لمسيري النسيج والألبسة، بلغت قيمة الصادرات المغربية 650.7 مليون يورو، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 8.6% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، في محاولة يائسة للحفاظ على موطئ قدم في وجه الغزو الآسيوي الكاسح.
وبهذا الأداء، الذي يمكن وصفه بالبطولي في ظل الظروف الراهنة، تمكنت المملكة المغربية من التشبث بموقعها كثامن أكبر مورد للملابس إلى دول الاتحاد الأوروبي، مستحوذة على حصة سوقية ضئيلة تبلغ 2.8% من إجمالي واردات التكتل.
ورغم أن المغرب لا يزال يتقدم بفارق طفيف على منافسين إقليميين كتونس وميانمار، إلا أنه يبقى قزماً أمام جحافل العمالقة الآسيويين الذين يلتهمون السوق، وفي مقدمتهم الصين التي صدرت بما قيمته 6.35 مليار يورو، تليها بنغلاديش بـ 5.68 مليار يورو، ثم تركيا والهند.
ويأتي هذا النمو المغربي الهش في سياق انتعاش عام لواردات الملابس الأوروبية، التي بلغت 23.44 مليار يورو بزيادة جنونية قدرها 20.6%. لكن الكارثة تكمن في أن هذا التطور يُعزى بشكل أساسي إلى التسارع المخيف للواردات من آسيا على حساب موردي منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث سجلت كل من الصين وبنغلاديش والهند وكمبوديا وفيتنام وباكستان نمواً فاق المتوسط العام بأشواط، بينما شهدت صادرات دول منافسة مباشرة للمغرب، كتركيا وتونس، تراجعاً مؤلماً.
وبالنسبة للمغرب، فإن ارتفاع صادراته بنسبة 8.6% قد يبدو للوهلة الأولى إنجازاً، لكنه في الحقيقة يخفي تراجعاً في الحصة السوقية إلى 2.8% بعد أن كانت 3.2%، لأن هذا النمو يظل أقل بكثير من المتوسط الذي سجله مجمل الموردين للسوق الأوروبية.
ويؤكد الخبير جان فرانسوا ليمانتور أن الموردين الآسيويين يمثلون حالياً 77% من واردات الملابس الأوروبية، مقابل 15.8% فقط لدول حوض المتوسط التي تواجه منافسة مميتة من المنتجات منخفضة التكلفة.
وفي محاولة أخيرة للنجاة، يبدو أن المغرب يتمسك باستراتيجيته القديمة المتمثلة في التموقع في الشريحة السعرية العليا، حيث بلغ متوسط سعر الكيلوغرام الواحد من الملابس المغربية المصدرة 30.87 يورو، وهو مستوى مرتفع مقارنة بمتوسط سعر جميع الموردين البالغ 20.37 يورو، وبأسعار الدول الآسيوية التي تغرق السوق بمنتجاتها الرخيصة
التعاليق (0)