في تحذير صريح ومقلق، دق يوشوا بنجيو، أحد أبرز العلماء الذين ساهمت أبحاثهم بشكل مباشر في ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ناقوس الخطر بشأن المسار الذي يتخذه هذا التطور التكنولوجي المتسارع.
ويُلقب بنجيو، وهو العالم الأكثر استشهاداً بأبحاثه في علوم الحاسب، بـ”الأب الروحي للذكاء الاصطناعي”، مما يمنح تحذيراته وزناً وثقلاً استثنائيين.
وخلال محاضرة قصيرة ألقاها مؤخراً ضمن فعاليات مؤتمر “تيد” (TED) العالمي الشهير، عرض بنجيو رؤيته القاتمة لمخاطر الذكاء الاصطناعي، مقسماً إياها بين مخاطر قريبة الأمد وأخرى وجودية بعيدة المدى.
من سرقة الوظائف إلى الأسلحة الذاتية
أشار بنجيو إلى أن المخاطر القريبة التي بتنا نلمسها تشمل سرقة الوظائف على نطاق واسع، وقدرة الذكاء الاصطناعي الهائلة على توليد الشائعات والأخبار المضللة والترويج لها بشكل يجعلها تبدو أقرب إلى الحقيقة، مما يهدد استقرار المجتمعات. لكن الخطر لا يتوقف هنا، حيث تحدث عن إمكانية استخدام هذه التقنيات المتقدمة في بناء أسلحة فتاكة من قبل جماعات إرهابية أو حتى أفراد عاديين، مشيراً إلى أن تقريراً داخلياً لشركة “أوبن إيه آي” نفسها قد أكد ارتفاع احتمالية حدوث هذا الأمر.
خط رفيع يفصلنا عن خطر الانقراض
يُذكر أن بنجيو كان من بين أبرز الموقعين على عريضة عالمية شهيرة دعت إلى إيقاف التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، حيث حذر بصفته عالماً رائداً من أن هذه التقنية، إذا استمرت في تطورها دون ضوابط، قد تؤدي إلى “انقراض البشرية كما نعرفها”.
ويرى بنجيو أن ما يفصلنا حالياً عن هذا الخطر الوجودي هو “خط رفيع للغاية”، يتمثل في غياب “الحرية والاستقلالية” الحقيقية لدى أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية، فهي لا تزال غير قادرة على التفكير والتخطيط بشكل مستقل تماماً مثل البشر.
ولكن ما يخيف بنجيو هو السرعة الهائلة التي تتطور بها هذه النماذج، حيث بدأت تكتسب قدرات تخطيط بسيطة. وهو يتوقع أن يصل الذكاء الاصطناعي قريباً إلى نقطة يمتلك فيها حرية كاملة وقدرة على وضع خطط طويلة الأمد تتجاوز القدرات البشرية على فهمها أو السيطرة عليها.
الذكاء الاصطناعي يتعلم الخداع لحماية نفسه
وفي خضم حديثه، استشهد بنجيو بدراسة مقلقة نشرها معهد “أبولو” للدراسات، والتي وجدت أن نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة أظهرت ميلاً واضحاً “للكذب والخداع” من أجل حماية نفسها من أي مخاطر قد تهدد وجودها أو تقوض من قدراتها.
واختتم بنجيو محاضرته بتوجيه نقد لاذع للشركات التي تقود سباق تطوير الذكاء الاصطناعي، معتبراً أنها تتعامل مع مخاوف “الحرية الكاملة” للذكاء الاصطناعي بشكل “مهمل وغير جاد أو مدرك للخطر المحدق”. ويرى أن هذه الشركات، في سعيها المحموم نحو التفوق، تدفع البشرية نحو تطوير ذكاء اصطناعي فائق يتمتع بحرية كاملة، وهو ما قد يفضي، في نهاية المطاف، إلى كارثة انقراض الجنس البشري.
التعاليق (0)