تفاصيل كذبة أخرى من النظام الجزائري اتجاه قضية الصحراء المغربية

تفاصيل كذبة أخرى من النظام الجزائري اتجاه قضية الصحراء المغربية مختارات تفاصيل كذبة أخرى من النظام الجزائري اتجاه قضية الصحراء المغربية

يواصل النظام الجزائري تكريس خطاب دعائي يفتقر للمصداقية، في محاولة يائسة لإيهام الرأي العام الداخلي والخارجي بوجود دعم دولي واسع لأطروحته بشأن قضية الصحراء المغربية. وفي هذا الإطار، أصدرت الخارجية الجزائرية بيانًا عقب الدورة الثانية من المشاورات السياسية الجزائرية–التركية، زعمت فيه وجود “توافق في الرؤى” بين البلدين حول مجموعة من القضايا، وعلى رأسها ملف الصحراء.

إلا أن مراقبين ومحللين سياسيين اعتبروا هذا الإعلان مجرد “تضخيم إعلامي” ومحاولة فاشلة لتحريف الموقف التركي، المعروف بحذره الكبير في التعامل مع قضايا شمال إفريقيا، واتباعه سياسة براغماتية توازن بين المصالح دون الدخول في نزاعات حساسة.

مغالطات لتصنيع الإجماع

في هذا السياق، قال الدكتور جواد القسمي، الباحث في العلاقات الدولية، إن الادعاء بوجود توافق بين الجزائر وتركيا بشأن الصحراء لا يعني بالضرورة اتفاقًا على تفاصيل الحل، بل قد يُفهم على أنه توافق على المبادئ العامة، مثل دعم الحل السلمي أو جهود الأمم المتحدة.
واعتبر القسمي أن استعمال الجزائر لمصطلحات فضفاضة هو جزء من استراتيجية دعائية هدفها تسجيل “نقاط إعلامية” وتقديم نفسها كلاعب إقليمي قادر على خلق تحالفات، في وقت يبرز فيه الموقف التركي الرسمي بدعمه لحل سياسي في إطار قرارات الأمم المتحدة واحترام وحدة المغرب الترابية.

وأوضح الباحث ذاته أن الجزائر تحاول من خلال هذه التصريحات بناء “سردية مضادة” لمواجهة النجاحات الدبلوماسية التي تحققها الرباط، في وقت تؤكد فيه أنقرة مرارًا رغبتها في الحفاظ على علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر معًا، دون المساس بمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في إفريقيا.

بيانات مُضلّلة وتزييف للمواقف

من جهته، وصف شوقي بن زهرة، الناشط السياسي الجزائري المعارض، سياسة النظام الجزائري في هذا الشأن بأنها “أصبحت مثيرة للشفقة”، حيث تستند إلى تحريف مواقف وتصريحات الدول، من أجل الترويج لانتصارات دبلوماسية وهمية، في ظل التراجع الكبير للدعم الدولي لأطروحة البوليساريو.

وأشار بن زهرة إلى أن وزارة الخارجية الجزائرية دأبت على تضخيم مواقف غامضة أو تحريف تصريحات دبلوماسيين لتبدو وكأنها دعم صريح للجبهة الانفصالية، كما حدث مع سلوفينيا وبريطانيا ورواندا وغيرها.
وأضاف أن هذه الأساليب تؤكد ارتباك الدبلوماسية الجزائرية في التعاطي مع ملف بات شبه محسوم لصالح الرباط، التي تحظى مبادرتها للحكم الذاتي بدعم قوي ومتزايد من قوى دولية مؤثرة في مجلس الأمن وخارجه.

وأكد أن تركيا، بسياساتها المعروفة، لا تدعم مشاريع الانفصال ولا تدخل في صراعات إقليمية تؤثر على مصالحها، بل تميل إلى سياسة براغماتية تجعلها أقرب إلى المغرب، خاصة في ظل توسع استثماراتها في القارة الإفريقية.

“توافق وهمي” في بيان لا يعكس الواقع

من جهته، اعتبر المحلل السياسي سعيد بركنان أن بيان المشاورات الجزائرية–التركية، وما ورد فيه حول “توافق الرؤى” بشأن قضية الصحراء، لا يعدو أن يكون “فقاعة دبلوماسية” سرعان ما تتلاشى، ولا تستند إلى أي تغير فعلي في الموقف التركي.

وأوضح بركنان أن المؤشرات الإقليمية والدولية لا تدعم فكرة تغيير تركيا لموقفها من الصحراء المغربية، خصوصًا في ظل التقارب الكبير بين الرباط وأنقرة، والرغبة التركية في تعزيز الشراكة الاقتصادية مع المغرب، باعتباره بوابة رئيسية للاستثمار في غرب إفريقيا.

وأشار المحلل ذاته إلى أن الجزائر باتت تستخدم مثل هذه التصريحات لصرف الأنظار عن إخفاقاتها المتكررة في حشد الدعم الدولي، ولترميم علاقاتها المتوترة حتى مع دول كانت تُعتبر “حديقتها الخلفية”.
وأكد أن هذه المشاورات لم تخرج عن طابعها البروتوكولي، وهي أقرب إلى “تنسيق شكلي” ضمن علاقات تاريخية بين الجزائر وتركيا، دون أن ترقى إلى مستوى التحول السياسي أو الاستراتيجي في مواقف أنقرة.

أزمة خطاب دبلوماسي في الجزائر

خلاصة المواقف والتحليلات تشير إلى أن الجزائر، في ظل انسداد الأفق أمام أطروحتها، تسعى إلى خلق وهم دبلوماسي، عبر تحريف المواقف الرسمية لدول كبرى كتركيا، في محاولة لتقديم نفسها كفاعل مؤثر في ملف الصحراء.

لكن واقع العلاقات الدولية والبراغماتية التركية يبرهن أن لا تغيير يُذكر في موقف أنقرة، التي ما تزال تفضل الحياد الإيجابي والحفاظ على توازن العلاقات بين المغرب والجزائر، مع ميل واضح إلى احترام السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، دعمًا لمسار الحل الأممي القائم على الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة المغربية.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً