القبة الآزورية تحرم المغاربة من أمطار موسم الخريف المبكر
تشير أحدث التوقعات الجوية الصادرة عن النماذج المتخصصة في رصد الأحوال الجوية إلى أن المغرب سيواجه فترة جفاف إضافية خلال النصف الأول من شهر أكتوبر 2024، حيث يتوقع أن يسيطر المرتفع الآزوري على الأجواء بشكل كامل، مما يحول دون تسرب أي منخفضات جوية عبر المحيط الأطلسي.
وتكشف خريطة الضغط الجوي أن القبة الآزورية ستتمركز بقوة غرب المغرب والبرتغال وإسبانيا، مع قيم ضغط تصل إلى 1028 هكتوباسكال في مركز المرتفع. هذا التموضع الاستراتيجي للمرتفع الجوي يعني حاجزاً طبيعياً أمام وصول الكتل الهوائية الرطبة والمنخفضات الجوية التي تحمل الأمطار إلى المنطقة.

تداعيات مناخية وحرارية متوقعة
لن تقتصر تأثيرات هيمنة المرتفع الآزوري على منع الأمطار فحسب، بل ستؤدي أيضاً إلى ارتفاع جديد في درجات الحرارة خلال الأسبوع الأول من أكتوبر. هذا الارتفاع الحراري يأتي في وقت يفترض أن تبدأ فيه درجات الحرارة بالانخفاض التدريجي مع بداية فصل الخريف.
الأجواء المستقرة والمشمسة المرتبطة بالمرتفع الآزوري، رغم أنها قد تبدو مريحة للأنشطة الخارجية، إلا أنها تحمل تحديات جدية للقطاع الفلاحي والمائي في المغرب، خاصة بعد صيف حار وجاف استنزف الموارد المائية.
أزمة مياه متفاقمة في ظل الجفاف المستمر
يأتي هذا التوقع الجوي ليزيد من تعقيد الوضع المائي في المغرب، حيث تشير التقارير الرسمية إلى أن البلاد تشهد موقفاً “كارثياً” مع انخفاض كمية الأمطار بنسبة 70% مقارنة بالمعدل السنوي. كما سجل عام 2024 كواحد من أكثر الأعوام جفافاً منذ ستينيات القرن الماضي، مع انخفاض مستويات الهطول بأكثر من 45% مقارنة بالمعدل السنوي.
هذا الوضع المائي الحرج يؤثر بشكل مباشر على السدود والخزانات المائية، التي تعاني أصلاً من انخفاض حاد في منسوبها بسبب موجات الجفاف المتتالية. تأخر الأمطار في أكتوبر، وهو الشهر الذي يُعتبر عادة بداية الموسم المطري في المغرب، يعني تأخيراً إضافياً في تعبئة هذه المخزونات الاستراتيجية.
تأثيرات على القطاع الفلاحي والاقتصاد الوطني
يشكل تأخر الأمطار في بداية أكتوبر ضربة إضافية للقطاع الفلاحي المغربي، الذي يعتمد بشكل كبير على الأمطار الموسمية لري المحاصيل الخريفية والشتوية. الفلاحون الذين يعدون أراضيهم لزراعة الحبوب والقطاني ينتظرون بلهفة أولى الأمطار الخريفية لبدء موسم الزراعة.
التأثير لا يقتصر على الإنتاج الزراعي فحسب، بل يمتد إلى الأوضاع المعيشية للأسر الريفية، حيث تضطر العديد من العائلات إلى تقليص نفقاتها، مما يؤثر على قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة.
توقعات ما بعد منتصف أكتوبر
رغم الصورة القاتمة للنصف الأول من شهر أكتوبر، تبقى الآمال معقودة على إمكانية تغير النمط الجوي في النصف الثاني من الشهر. التجارب السابقة تشير إلى أن المرتفعات الآزورية القوية قد تضعف تدريجياً، مما يسمح بعودة النشاط الجوي والمنخفضات الممطرة.
الخبراء الجويون يراقبون عن كثب تطور الأنماط الجوية في المحيط الأطلسي، خاصة تحركات المرتفع الآزوري ومدى ثباته أو تراجعه، مما قد يفتح المجال أمام وصول موجات مطرية إلى شمال أفريقيا.
ضرورة التأقلم والاستعداد
في ظل هذه التوقعات، تبرز أهمية تفعيل استراتيجيات إدارة المياه والتأقلم مع تغير المناخ. السلطات المختصة مطالبة بوضع خطط طوارئ لضمان التوزيع العادل للموارد المائية المتاحة، خاصة للاستخدامات الأساسية كالشرب والسقي.
كما يصبح من الضروري تسريع وتيرة المشاريع المائية الاستراتيجية مثل محطات تحلية مياه البحر، والاستثمار في تقنيات الري الحديثة والاقتصادية في استهلاك المياه.
المغاربة، الذين عاشوا صيفاً حاراً وجافاً، ينتظرون بفارغ الصبر عودة الأمطار التي قد تخفف من وطأة أزمة المياه. لكن التوقعات الجوية الحالية تتطلب صبراً إضافياً وتخطيطاً أكثر دقة لإدارة الموارد المائية الشحيحة خلال الأسابيع القادمة.
التعاليق (0)