المغرب يتجه نحو استدامة مالية وفق تقرير 2026-2028: نمو 4%، عجز 3%، وانخفاض المديونية. دين الخزينة ينخفض (67% إلى 64%) بفضل تحكم العجز، نمو اقتصادي، وهيكل دين متين (74% داخلي، مدة سداد طويلة، فائدة ثابتة، 73% بالدرهم). الأرقام تعكس تحكماً بالديون، مسار تنازلي مبني على أسس واقعية، نحو سيادة مالية.
بقلم: مصطفى العلمي
يبدو أن مركب المالية العمومية في المغرب قد بدأ بالفعل يغيّر اتجاهه، مبتعداً عن أمواج المديونية العالية، ومتجهاً بثقة نحو شاطئ الاستدامة… وهذه المرة بالأرقام وليس بالشعارات!.
فوفق تقرير البرمجة الميزانياتية متعددة السنوات 2026-2028، تضع الحكومة سيناريو واضحاً وصارماً: نمو اقتصادي يفوق 4%، عجز في حدود 3%، ومديونية تسير بثبات نحو الانخفاض.
نعم، الانخفاض… كلمة لم نعد نسمعها كثيراً في عالم الديون!
📉 بين 2025 و2028، سينزل دين الخزينة من 67% إلى حدود 64% من الناتج الداخلي الخام.
والسبب؟ مزيج من التحكم في العجز، نمو اقتصادي متوقع، وبُنية دين متماسكة تُراعي المخاطر وتعتمد أساساً على السوق الداخلية.
ولأن التفاصيل هي التي تمنح المصداقية:
✅74% من الدين داخلي… يعني أقل تبعية للخارج، وأقل ارتباكًا أمام تقلبات الأسواق الدولية.
✅مدة سداد متوسطة تتجاوز 8 سنوات… مما يعني جدولًا مريحًا للسداد.
✅أقل من 12% دين قصير الأمد… أي أن خطر إعادة التمويل محدود.
✅أكثر من 90% بفائدة ثابتة… تحصين ضد تقلبات أسعار الفائدة.
✅73% من الدين بالدرهم… حماية من صدمات الصرف الخارجي.
كل هذه المؤشرات ليست مجرد أرقام باردة، بل دليل على أن المغرب بدأ فعلاً ينتقل من مرحلة “التحمّل” إلى مرحلة “التحكّم” في دينه، واضعاً نفسه في مسار قد يسمح بفتح أوراش كبرى بدون خنق قدرة الدولة على الاستثمار.
مديونية المغرب لم تعد قنبلة موقوتة كما يتخيل البعض. بل تحولت إلى ملف تُديره الدولة ببرودة أعصاب محسوبة، مستندة إلى نمو متوقع، وعجز مضبوط، وسوق دين داخلية قوية، وهيمنة للدرهم تقلل المخاطر.
إنه مسار تنازلي واضح… والأهم: مبني على معادلات واقعية وليست وعوداً سياسية.
إنها لحظة مفصلية: إما نرى فيها بداية مرحلة مالية أكثر سيادة وأقل هشاشة، أو نعتبرها مجرد أرقام جميلة على الورق. لكن المؤشرات الحالية… تقول إنها ليست مجرد حبر، بل اتجاه فعلي نحو استدامة مالية أصح.
- محرر سابق في جريدة الحرة

التعاليق (0)