أطلق المغرب رسمياً أكبر عملية تحديث في تاريخ سككه الحديدية باقتناء 168 قطاراً جديداً، في خطوة تتجاوز تطوير النقل لتشكل العمود الفقري لاستضافة كأس العالم 2030، واضعةً المملكة على سكة النادي العالمي للمدن الذكية والمستدامة.
وأعلن المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) عن خارطة طريق ضخمة لتجديد أسطوله الوطني، تشمل اقتناء 18 قطاراً فائق السرعة، و40 قطاراً للخطوط الكبرى، إضافة إلى 60 قطاراً جهوياً و50 قطاراً للقرب (RER).
هذه التعزيزات التقنية تهدف إلى استبدال الأسطول القديم وتوسيع شبكة الربط لتستوعب التدفقات البشرية المتزايدة، مع التركيز على دمج التكنولوجيا الرقمية في تدبير الرحلات لضمان أعلى معايير السلامة والراحة للمسافرين.
وتكتسي هذه الأرقام أهمية قصوى عند ربطها بالحدث الكروي الأبرز “مونديال 2030″؛ إذ يدرك المغرب أن نجاح الاستضافة يمر حتماً عبر “ثورة لوجستيكية”. فالقدرة على نقل آلاف المشجعين بين الملاعب والمطارات وفنادق الإقامة في زمن قياسي، وبترددات منتظمة، هي القيمة المضافة التي ستقدمها الـ 50 قطاراً حضرياً والـ 110 قطارات جهوية وبين-مدنية.
هذا الربط السلس سيسهم في تحويل المدن المستضيفة إلى “منطقة تنقل موحدة”، تكسر الحواجز الجغرافية وتجعل تجربة المشجع العالمي استثنائية بكل المقاييس.
وبعيداً عن المستطيل الأخضر، يمثل هذا البرنامج السككي محركاً جديداً للنمو الاقتصادي؛ فالمغرب لا يقتني “قطارات” فحسب، بل يوطن صناعة بأكملها. التوجه نحو إنشاء منظومة صناعية سككية محلية للصيانة والتصنيع سيخلق آلاف فرص الشغل ويجعل من المملكة منصة إقليمية في هذا القطاع.
كما أن الاعتماد على الطاقة الكهربائية النظيفة في تشغيل هذا الأسطول يعزز هوية “المونديال الأخضر”، حيث تصبح الاستدامة واقعاً ملموساً يراه الزائر في كل رحلة عبر القطار.
إن هذه الثورة السككية هي الرسالة الأقوى التي يبعثها المغرب للعالم؛ مفادها أن الاستعداد لعام 2030 ليس مجرد بناء ملاعب، بل هو هندسة متكاملة لمستقبل وطن.
وبـ 168 قطاراً جديداً، لا يسابق المغرب الزمن لتنظيم بطولة كروية، بل يسابق ليكون القطب اللوجستيكي الأول في إفريقيا وحوض المتوسط، واضعاً المواطن المغربي والزائر الأجنبي في قلب تجربة تنقل ذكية تليق بطموحات المملكة.

التعاليق (0)