أنا الخبر ـ الصحيفة 

في فصل جديد من فصول تصريف النظام الجزائري لأزماته الداخلية نحو المغرب، ألقى رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، مداخلة “عن بعد” خلال مشاركته في اجتماع مجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي على مستوى رؤساء الدول والحكومات، اتهم فيها المغرب بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في الكركرات مع جبهة البوليساريو.

ودعا تبون إلى ضرورة تكثيف الجهود في الاتحاد الإفريقي لإيجادل حل “عادل” لقضية الصحراء، لكن هذا الحل العادل حسب تبون هو عن طريق “تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية” مشيرا إلى أن إفريقيا تغلبت على الاستعمار الأوروبي، وبالتالي يجب إنهاء آخر استعمار في القارة الإفريقية، في إشارة إلى “احتلال المغرب للصحراء الغربية”، وفق ما يروج له النظام الجزائري.

المثير في مداخلة تبون، أنه بعد ذكره لمقاومة الإفريقيين لإنهاء كافة أشكال الاستعمار الأوروبي، دعا مباشرة بعد ذلك إلى على ضرورة الاحتكام إلى المبادئ الرئيسية التي قامت عليها منظمة الاتحاد الإفريقي، خاصة أحكام المادة الرابعة من القانون التأسيسي للإتحاد والمتعلقة بضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال، وهي الحدود التي كانت قد وضعها الاستعمار الأوروبي الذي ينتقده تبون.

ووفق عدد من المتتبعين، فإن هذا التناقض “الغريب” والذي يردده النظام الجزائري بشكل مستمر، يُعتبر مثيرا لـ”السخرية السياسية”، حيث لطالما “ندد” النظام الجزائري بالاستعمار الأجنبي للقارة الإفريقية، خاصة ما عانت منه الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، لكن عند الوصول إلى قضية الصحراء، يُصر على الاحتكام للحدود الذي فرضها المُستعمر الأجنبي.

وحسب العديد من المؤرخين، فإن إصرار الجزائر على إبقاء الحدود الذي فرضها الاستعمار الأجنبي، يرجع لكون أن النظام الجزائري يُدرك أن الحدود قبل الاستعمار تُثبت أن المملكة المغربية كانت حدودها تمتد إلى غاية مالي، وأجزاء مهمة من الجانب الغربي للجزائر سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب، كانت تنتمي إلى حدود المملكة المغربية في عهد المولى الحسن الأول، جد السلطان محمد الخامس الذي دعم الجزائر بالمال والسلاح للحصول على الاستقلال.

ولازال الكثير من المهتمين المغاربة، يُرجعون أحد أسباب نزاع الصحراء والجزائر مع المغرب، إلى “الخطأ التاريخي” الذي ارتكبه السلطان الراحل محمد الخامس، عندما رفض رفضا قاطعا مقترح فرنسا لترسيم الحدود مع الجزائر وهي تحت الإستعمار، وصرح، وفق المؤرخين، بأن ترسيم الحدود سيتم مع “الأشقاء الجزائريين” بعد حصولهم على الاستقلال.

ويعتبر الكثير من المهتمين بقضية الصحراء المغربية، أن الجزائر هي صلب هذا المشكل القائم منذ عقود طويلة، وليست جبهة البوليساريو، فلولا الدعم الجزائري لهذه الجبهة الانفصالية بالمال والسلاح، لما استمر النزاع لهذه المدة الطويلة.

كما أن ذات المهتمين، يعتبرون أن تعنت الجزائر في معاداة المغرب، بالرغم من نجاحها في عرقلة جهود المملكة المغربية، إلا أن الأكثر تأثرا بهذا النزاع على المستوى الداخلي هو الجزائر نفسها، التي تعاني من أزمات كثيرة اجتماعية واقتصادية، بسبب اهتمامها بقضية لا تعنيها وترك قضاياها الأساسية.

المقالات الأكثر قراءة

التعليقات مغلقة.