كشفت صحيفة “جون أفريك” الفرنسية عن تفاصيل مثيرة ومقلقة تخللت الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد، مؤكدة أن ما دار بينهما يعكس توجّهات خطيرة تهدد بتعميق الانقسام داخل منطقة المغرب العربي، وتُظهر تنامي نفوذ خارجي على القرار السيادي لبعض دول المنطقة.
ووفقًا لما أوردته الصحيفة، فقد اقترح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشكل صريح على قيس سعيد أن تستضيف تونس قيادات من جبهة البوليساريو الانفصالية على أراضيها، وهو ما اعتبرته الصحيفة بمثابة محاولة مباشرة من الجزائر لتصدير أزمتها الإقليمية إلى دولة جارة تمر أصلًا بظروف داخلية صعبة.
تصدير أزمة الصحراء إلى تونس
الخطوة، بحسب “جون أفريك”، لا تعكس فقط إصرار الجزائر على توظيف ملف الصحراء المغربية كأداة لتأجيج التوتر الإقليمي، بل تكشف في المقابل عن ضعف استقلالية القرار السياسي التونسي، الذي بات مهددًا بفعل التأثيرات الخارجية المتزايدة. واعتبرت الصحيفة أن القبول التونسي الضمني أو الصريح بهذه المبادرة الجزائرية، في وقت تمر فيه البلاد بأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، يُعدّ خروجًا خطيرًا عن مبدأ الحياد وتهديدًا لسيادة تونس واستقرارها الداخلي.
تحذيرات من المعارضة التونسية
الصحيفة نقلت أيضًا عن مصادر من المعارضة التونسية، تحذيرات من الانجرار وراء السياسات الجزائرية، معتبرة أن دخول تونس على خط النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية سيشكل خطوة كارثية على المدى القريب والبعيد. فبدل التركيز على الخروج من أزمتها الخانقة، قد تجد تونس نفسها في قلب صراع إقليمي معقّد لا يخدم مصالحها الوطنية بأي شكل.
كما أكدت الصحيفة أن تونس تعاني حاليًا من انهيار اقتصادي وهشاشة سياسية واضحة، مما يجعل أي انخراط في نزاعات إقليمية أو تبني أجندات خارجية تهديدًا مباشرًا لأمنها واستقرارها.
النفوذ الإيراني: تحوّلات خطيرة في التوجهات الإقليمية
ولم يقتصر الاتصال الهاتفي بين تبون وسعيد على قضية البوليساريو فقط، بل تناول كذلك تعزيز العلاقات مع إيران، في خطوة قالت عنها “جون أفريك” إنها تفتح الباب أمام مخاوف جديدة بشأن طبيعة التحالفات التي بدأت تتشكل في منطقة المغرب العربي.
إذ أن التقارب مع إيران، التي تُتهم بالتدخل في شؤون العديد من الدول العربية، قد يُفاقم الوضع الأمني في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة جيوسياسية وضعف في بنية التعاون الإقليمي. وربما تكون هذه التحركات بداية لمحاور إقليمية غير مأمونة العواقب، خاصة في ظل تزايد الحديث عن وجود دعم لوجستي وسياسي إيراني لبعض الجماعات المتنازع حولها.
المنطقة المغاربية… نحو مزيد من التشرذم
وفي ختام تقريرها، أكدت “جون أفريك” أن ما يقوم به النظامان في الجزائر وتونس لا يُسهم في تعزيز الاستقرار في المغرب العربي، بل يُكرّس فشلًا ذريعًا في بناء تعاون مغاربي حقيقي يلبّي تطلعات شعوب المنطقة. وأضافت أن قضية الصحراء المغربية، التي تستغلها الجزائر كوسيلة للضغط السياسي والدبلوماسي، تبقى العائق الأكبر أمام قيام اتحاد مغاربي فعّال.
كما حمل التقرير انتقادات واضحة لتونس، مشيرًا إلى أن غياب رؤية وطنية مستقلة يجعلها فريسة سهلة للضغوطات الخارجية، ويُضعف موقعها على الساحة الإقليمية والدولية، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها البلاد.
التعاليق (0)