يستعد المغرب لتوقيع اتفاقيات دفاعية استراتيجية مع المملكة المتحدة، في خطوة تُعزز من موقف الرباط الإقليمي والدولي بشكل لافت، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية. هذه الاتفاقيات المرتقبة تُشكل ضربة موجعة للجزائر وجبهة البوليساريو، وتأتي في ظل حركية متزايدة للدبلوماسية المغربية، وتوالي الاعترافات والدعم المتزايد لمقترح الحكم الذاتي كحل جاد وواقعي للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة.
;خلال زيارته الرسمية للرباط في الثاني من يونيو، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي دعم بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، معتبرًا إياها “حلًا قابلًا للتطبيق وذا مصداقية”. ولم يقتصر دعم لندن على التصريحات السياسية، بل ترجم على أرض الواقع بإعلان عقد اتفاقيات تعاون تشمل قطاع الدفاع، في تطور غير مسبوق للعلاقات الثنائية بين البلدين.
وتشمل الاتفاقيات المنتظرة مذكرة تفاهم بين مجموعة ADS، وهي الهيئة البريطانية الممثلة لقطاعات الصناعات الدفاعية والفضائية والأمنية، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات. وتهدف هذه المذكرة إلى تعزيز التعاون ونقل الخبرة والمعرفة في الصناعات الدفاعية. كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم أخرى مع شركة BAE Systems العملاقة، وذلك بمشاركة إدارة الدفاع الوطني المغربي، مما يعكس الطابع العملي والتطبيقي لهذه الشراكة، بعيدًا عن الطابع الرمزي أو البروتوكولي.
تحمل هذه الخطوة البريطانية في طياتها، بالإضافة إلى البعدين الاقتصادي والاستراتيجي، رسائل سياسية واضحة مفادها أن بريطانيا، كقوة دولية وعضو دائم بمجلس الأمن، باتت تنخرط بوضوح في دينامية الاعتراف بالوحدة الترابية للمغرب. كما تساند جهوده في بناء صناعة دفاعية وطنية قوية ومتكاملة، وهو التحول الذي من شأنه أن يزيد من عزلة الأطروحة الانفصالية، ويدفع الجزائر إلى مراجعة حساباتها، وهي التي دأبت على تسخير أموال طائلة لدعم مشروع فاشل لم يحصد سوى الفشل والخيبات منذ عقود.
وتأتي هذه الاتفاقيات لتُضاف إلى سلسلة من الشراكات الاستراتيجية التي عقدها المغرب مع فاعلين دوليين كبار، مثل الشركة التركية “بايكار” التي أطلقت مشروعًا لإنشاء وحدة صناعية للطائرات المسيرة في الرباط، والتعاون المغربي-الإسرائيلي في مجال الصناعات الدفاعية، إلى جانب استثمارات برازيلية مرتقبة في قطاع الطيران العسكري. هذه الخطوات تؤكد أن المغرب لا يكتفي بالدفاع عن قضاياه الوطنية داخل أروقة الأمم المتحدة، بل يعزز موقعه على الأرض عبر بناء منظومة دفاعية ذات بعد تكنولوجي واستراتيجي، تجعله فاعلًا قاريًا لا غنى عنه في معادلات الأمن والاستقرار.
وبكل هذه المستجدات، تتوالى الصفعات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية على خصوم الوحدة الترابية للمملكة، وتتعزز ملامح مغرب جديد لا يرضى بأن يكون رقمًا ثانويًا في معادلات الجغرافيا السياسية، بل لاعبًا أساسيًا يُحسب له ألف حساب. أما البوليساريو الانفصالية، فقد باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى تواجه واقعًا مريرًا، مفاده أن خيوط اللعبة باتت تنفلت من يد من يُحركها من وراء الستار.
التعاليق (0)