الجانب المظلم وراء استخدام”شات جي بي تي”

الجانب المظلم وراء استخدام"شات جي بي تي" تكنولوجيا الجانب المظلم وراء استخدام"شات جي بي تي"

منذ إطلاقه في أواخر عام 2022، تحول “شات جي بي تي” من مجرد أداة تقنية إلى رفيق يومي لملايين المستخدمين حول العالم. ومع ظهور نماذج متطورة ذات مزايا صوتية تحاكي ببراعة طرق التواصل البشري، أصبحت إمكانية تشكيل علاقات شبه اجتماعية مع روبوتات الدردشة هذه أكبر من أي وقت مضى. لكن وسط هذا التفاعل المتزايد، تبرز تساؤلات جوهرية عن تأثير هذا الذكاء الاصطناعي في صحتنا النفسية والاجتماعية.

وفي هذا السياق، كشفت شركة “أوبن إيه آي” عن نتائج دراسة حديثة أجرتها بالشراكة مع “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” (MIT)، لمعرفة ما إذا كان قضاء وقت طويل مع “شات جي بي تي” يزيد من شعورنا بالوحدة أم يقلل منه.

الاستخدام المفرط قد يؤدي إلى العزلة
أوضحت النتائج الرئيسية للدراسة، التي تابعت حوالي ألف شخص على مدار أربعة أسابيع، أن معظم مستخدمي “شات جي بي تي” لا يستخدمونه للحديث عن المشاعر، حيث كانت الغالبية العظمى من التفاعلات عملية (طرح أسئلة، حل المشكلات).

لكن المفاجأة كانت في النتائج المتعلقة بالاستخدام الكثيف. فقد أظهرت الدراسة أن:

  • الأشخاص الذين بدؤوا الدراسة وهم يعانون من تفاعل اجتماعي أقل، كانوا يميلون إلى استخدام “شات جي بي تي” أكثر من غيرهم.
  • كلما زاد الوقت الذي قضاه المشاركون مع روبوت الدردشة، زاد احتمال انخفاض تفاعلهم الاجتماعي مع أناس حقيقيين، في ما يشبه حلقة مفرغة.
  • أولئك الذين استخدموا التطبيق بشكل كبير، وخاصة كل يوم، بدؤوا بالإبلاغ عن شعور أكبر بالوحدة، واعتماد عاطفي أكبر على الروبوت.

من هم الأكثر تأثراً؟
أظهرت الدراسة أن السمات الشخصية تلعب دوراً مهماً في تحديد مدى تأثر الأفراد. فالمستخدمون الذين يميلون إلى تكوين علاقات عاطفية بسهولة، كانوا أكثر عرضة للآثار السلبية، مثل الاعتماد العاطفي والانسحاب من التفاعل الاجتماعي الواقعي.

كما أظهرت النتائج أن النساء كنّ أكثر عرضة من الرجال لانخفاض التفاعل الاجتماعي مع الأشخاص الحقيقيين بعد فترة من التفاعل مع روبوتات الدردشة، بينما أظهر المشاركون الأكبر سناً ميلاً أكبر نحو الاعتماد العاطفي عليها.

متى يتحول الذكاء الاصطناعي إلى عبء؟
تشير النتائج إلى أن الفائدة التي قد يجنيها الشخص من “شات جي بي تي” لتخفيف الشعور بالوحدة قد تكون مؤقتة، لكنها تقل مع تكرار الاستخدام، لتفسح المجال أمام عزلة أكبر واعتماد عاطفي غير صحي.

ورغم أن “شات جي بي تي” قد يبدو متعاطفاً، إلا أن هناك فرقاً كبيراً بين التحدث إليه والتحدث إلى إنسان حقيقي. فأثناء التواصل البشري، يفرز الجسم هرمون “الأوكسيتوسين”، المرتبط بالثقة والعاطفة، بينما لا يحدث ذلك أثناء التفاعل مع الروبوت. وبمعنى آخر، يستطيع “شات جي بي تي” محاكاة التعاطف، دون أن يشعر به، ودون أن يحتاج منك إلى رد فعل عاطفي مماثل، مما يخلق علاقة غير متوازنة.

وختاماً، رغم المزايا الهائلة التي يقدمها “شات جي بي تي” في تسهيل المعرفة وتعزيز الإنتاجية، فإنه لا يمكن للتكنولوجيا، مهما بلغت من تطور، أن تحل محل العلاقات الإنسانية الحقيقية أو تسد الفجوات العاطفية العميقة. وتبقى النصيحة الأهم هي الاستفادة من التكنولوجيا، دون أن نسمح لها بإضعاف روابطنا الإنسانية.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً