تكنولوجيا جديدة في جمارك المغرب.. هكذا ستتغير طريقة استيراد البضائع في 2026

جمارك المغرب اقتصاد جمارك المغرب

في إطار مشروع قانون مالية 2026، تعتزم المغرب اعتماد تقنية "البلوكشين" في الجمارك. تهدف الخطوة إلى الشفافية، تتبع البضائع لحظيًا، ومكافحة الغش. سيتم تخزين الوثائق في سجل رقمي آمن، مع التحقق من الموردين. سيسهل ذلك التخليص، ويمنع التلاعب بالفواتير. التطبيق اختياري، لكنه يحفز على الرقمنة. يعزز هذا التحول التجارة الذكية ويجذب الاستثمار الأجنبي.

في واحدة من أكثر المقترحات التقنية جرأة في مشروع قانون المالية لسنة 2026 بالمغرب، اقترحت وزارة الاقتصاد والمالية اعتماد تقنية “سلسلة الكتل” (Blockchain) في عمليات التخليص الجمركي. خطوة تبدو للوهلة الأولى تقنية محضة، لكنها في العمق تعبّر عن تحول استراتيجي في فلسفة الإدارة المغربية نحو الشفافية، التتبع اللحظي، ومحاربة الغش بطريقة ذكية.

🔹 ما الذي تعنيه هذه الخطوة فعليًا؟

تقنية البلوكشين تُستخدم عادة في العملات الرقمية، لكنها في جوهرها قاعدة بيانات لامركزية وآمنة، تحفظ كل معاملة أو وثيقة بشكل غير قابل للتزوير.
عند تطبيقها في مجال الجمارك، يعني ذلك أن:

  • كل فاتورة تجارية، وكل وثيقة استيراد، ستُخزَّن في سجل رقمي لا يمكن تعديله.
  • المورد الأجنبي سيتم التحقق من هويته رقميا عبر منصة مؤمنة.
  • الإدارة الجمركية ستتمكن من تتبع مسار البضائع خطوة بخطوة دون اعتماد كلي على الوثائق الورقية أو التصريحات التقليدية.

🔹 من مكافحة الغش إلى تسريع التخليص

يُعد الغش الجمركي أحد أبرز التحديات التي تواجه التجارة الدولية، سواء عبر تزوير الفواتير أو تغيير القيم الجمركية أو إخفاء مصدر البضائع.
وهنا يأتي دور البلوكشين:

  • يمنع التلاعب في الفواتير لأنها تصبح مسجلة ومؤكدة المصدر.
  • يسهّل عملية المقارنة بين البيانات المقدمة والواقع الميداني.
  • يتيح تسريع إجراءات التخليص، لأن التحقق من الوثائق سيتم آليًا دون تأخير بشري.

🔹 تطبيق طوعي… لكنه محفز

المذكرة توضح أن التطبيق سيكون اختياريًا في البداية، لكن من يلتزم به سيحصل على تسهيلات جمركية كبيرة — وهو أسلوب ذكي لتشجيع الشركات على الانخراط الطوعي في الرقمنة.
بهذا، تتحول الجمارك من سلطة رقابية ثقيلة إلى شريك رقمي يسهل المبادلات ويكافئ الشفافية.

🔹 خطوة نحو إدارة رقمية مؤمنة

اعتماد البلوكشين لا يعني فقط تحديث التقنيات، بل يمثل تغييرًا ثقافيًا في طريقة تسيير الإدارة، فالمعاملات تصبح موثقة ومؤتمتة، والمسؤولية مشتركة بين المتعامل والدولة.
كما يفتح الباب لتكامل مستقبلي مع أنظمة أخرى، مثل:

  • الخزينة العامة (لتتبع الأداء الضريبي).
  • الموانئ المغربية (لتبادل فوري للمعطيات حول البضائع).
  • الرقمنة الكاملة للعمليات التجارية الخارجية.

🔹 البعد الاقتصادي الأوسع

تطبيق البلوكشين في الجمارك يضع المغرب ضمن الدول الرائدة في التحول نحو “التجارة الذكية” Smart Trade، ما يعزز جاذبيته للمستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن أنظمة شفافة وموثوقة.
كما يمكن أن يشكل ذلك نواة لنظام مغربي لتوثيق المنشأ التجاري، ما يرفع مصداقية الصادرات المغربية في الأسواق الدولية.


🔹 كيف تعمل تقنية البلوكشين داخل النظام الجمركي؟

تخيل أن كل معاملة تجارية أو وثيقة استيراد تُسجَّل في دفتر رقمي ضخم تشترك فيه جميع الأطراف: المورد الأجنبي، الشركة المستوردة، وإدارة الجمارك.
هذا الدفتر لا يوجد في مكان واحد، بل يُنسخ في عدة حواسيب متصلة ببعضها، وكل تعديل فيه يُسجَّل بشكل دائم وشفاف ولا يمكن حذفه أو تغييره.

عندما يستعمل المغرب تقنية البلوكشين في التخليص الجمركي، ستتم العملية كالتالي:

  1. المورد الأجنبي يحمّل الفاتورة والوثائق التجارية في المنصة الرقمية.
  2. النظام يتحقق تلقائيًا من هوية المورد ومن صحة الوثائق باستخدام رموز مشفرة.
  3. إدارة الجمارك المغربية تتلقى الوثائق فورًا في نظامها، دون حاجة لإرسال نسخ ورقية أو انتظار البريد.
  4. كل خطوة تُسجل في قاعدة بيانات مؤمنة، بحيث لا يمكن لأي طرف تعديلها أو التلاعب فيها لاحقًا.

بهذه الطريقة، تصبح كل وثيقة تجارية شفافة، قابلة للتتبع، وآمنة، مما يُقلل احتمالات الغش، ويُسرّع عملية التخليص، ويوفر على الشركات وقتًا وتكاليف كبيرة.

مشروع قانون المالية 2026 لا يقترح مجرد تحديث تقني، بل يفتح الباب أمام ثورة في إدارة المعاملات التجارية بالمغرب.
فالبلوكشين في الجمارك ليس رفاهًا رقميا، بل ضرورة لحماية الاقتصاد الوطني، تسريع التبادلات، وإدخال المغرب فعليًا في عصر “الشفافية الذكية”.


🟤 تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً