أثار ظهور محادثات خاصة أجراها مستخدمو مساعد الذكاء الاصطناعي التابع لشركة “ميتا” (Meta AI) بشكل علني على منصات التواصل الاجتماعي المملوكة للشركة، موجة من الانتقادات الواسعة والقلق المتزايد بشأن مستوى حماية الخصوصية الرقمية. ففي الوقت الذي يظن فيه المستخدمون أنهم يتحدثون مع نظام ذكي في بيئة مغلقة، تُفاجئهم الحقيقة: محادثاتهم قد تُعرض للعموم دون إدراك حقيقي منهم.
كيف تُنشر المحادثات دون علم المستخدم؟
وفق ما أوردته تقارير تقنية وإعلامية موثوقة، يتبين أن “Meta AI” قد يعرض تلقائيًا بعض المحادثات في قسم علني يُعرف باسم “Discover” — وهو فضاء رقمي مخصص لعرض محتوى يُفترض أنه مثير للاهتمام أو مفيد. وتتضمن هذه المشاركات أسئلة المستخدمين والأجوبة التي تولدها الأداة، ما يجعل محتوى الحوار في متناول جميع مستخدمي المنصة.
ورغم أن شركة “ميتا” تشدد على أن عملية النشر تتم بموافقة المستخدم، إلا أن طريقة عرض خيار المشاركة قد تكون مضللة أو غير واضحة بالشكل الكافي، مما يجعل كثيرين يُقرّون دون وعي منهم بأنهم يوافقون على جعل محادثاتهم عامة.
وقائع مقلقة تُثبت الخطر
في تقرير استقصائي بثته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، تم الكشف عن حالات صادمة تُظهر مدى هشاشة الخصوصية في تعامل المستخدمين مع “Meta AI”. فقد قام بعض الأشخاص بطرح أسئلة امتحانات مدرسية وجامعية، فيما نشر آخرون محتوى حساسًا أو محرجًا دون أن يدركوا أنه سيُعرض للعموم.
وفي حالة مثيرة للجدل، استطاع باحثون تتبّع هوية أحد المستخدمين والوصول إلى حسابه الشخصي على إنستاجرام، فقط من خلال اسمه الظاهر وصورته التي ظهرت إلى جانب المحادثة المعروضة علنًا.
أما موقع “تك كرانش”، فقد وثق بدوره حالات شملت استفسارات طبية محرجة وشديدة الخصوصية، مثل وصف أعراض جلدية في مناطق حساسة، تم تداولها علنًا دون أن يتنبه أصحابها إلى ذلك، ما يفتح الباب أمام انتهاك صريح للهوية الرقمية وخصوصيات الأفراد.
ميتا تبرر والخبراء يحذرون
في بيان سابق لها صدر في أبريل الماضي، أكدت شركة ميتا أن المحادثات لا تُنشر إلا بموافقة المستخدم، مشيرة إلى وجود خيار واضح ضمن الإعدادات يتيح جعل التفاعلات “خاصة”.
لكن هذه التصريحات لم تُقنع كثيرين، إذ يعتبر خبراء الأمن السيبراني أن تصميم واجهة الاستخدام في تطبيق “Meta AI” لا يبرز بوضوح مدى علنية المشاركات، ما يجعل بعض المستخدمين يضغطون على زر “موافق” دون فهم حقيقي لتبعات ذلك.
تعدد المنصات وزيادة المخاطر
الجدير بالذكر أن “Meta AI” متاح حاليًا عبر تطبيقات رئيسية هي فيسبوك، إنستاجرام، واتساب، بالإضافة إلى تطبيق مستقل يتيح مشاركة المحادثات مع الآخرين.
وعلى الرغم من وجود خيار لتفعيل “الوضع الخاص” داخل الإعدادات، إلا أن فعالية هذا الخيار في حماية بيانات المستخدم لا تزال محل شك، خصوصًا في ظل غياب توعية حقيقية من الشركة للمستخدمين.
حتى الآن، لم تُصدر “ميتا” أي تعليق رسمي جديد بشأن التقارير الأخيرة أو شكاوى المستخدمين الذين عبّروا عن استيائهم من نشر محادثاتهم الخاصة دون وعي كافٍ.
خلاصة وتحذير:
في عصر الذكاء الاصطناعي، لم تعد الخصوصية الرقمية مضمونة كما يعتقد البعض. وأصبح من الضروري أن يكون المستخدم واعيًا لكل خطوة يخطوها عند التفاعل مع أدوات مثل “Meta AI”، خاصةً مع تصميمات واجهات قد تكون جذابة لكنها تُخفي خلفها الكثير من التفاصيل الدقيقة.
نصيحة مهمة: تأكد دائمًا من إعدادات الخصوصية في حساباتك، وتجنب مشاركة أي معلومات شخصية أو حساسة داخل محادثات الذكاء الاصطناعي، ما لم تكن متأكدًا تمامًا من أنها تظل سرية.
التعاليق (0)