حصيلة صادمة في أسبوع واحد.. حوادث السير بالمغرب تكشف عمق الأزمة رغم المراقبة المشددة

حوادث السير بالمغرب ـ صورة من الأرشيف أ حوادث حوادث السير بالمغرب ـ صورة من الأرشيف أ

تستمر حرب الطرق بالمغرب في حصد الأرواح أسبوعًا بعد آخر، رغم حملات التحسيس والمراقبة الصارمة.

فخلال الفترة الممتدة من 20 إلى 26 أكتوبر الجاري، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني عن حصيلة ثقيلة: 32 وفاة و3157 إصابة، ضمنها 117 إصابة بليغة، نتيجة 2337 حادثة سير داخل المناطق الحضرية.

لكن خلف هذه الأرقام الصادمة، يبرز سؤال جوهري: لماذا لا تتراجع حوادث السير رغم القوانين والمراقبة والردع؟

⚠️ الأسباب تتكرر… والمأساة تتجدد

بحسب البلاغ الرسمي، فإن أبرز أسباب هذه الحوادث تكاد تتكرر أسبوعًا بعد آخر، ما يعكس أزمة سلوك أكثر مما هي أزمة قوانين.

فـ عدم انتباه السائقين والراجلين، وعدم احترام الأسبقية، والسرعة المفرطة، إلى جانب عدم ترك مسافة الأمان، كلها عوامل بشرية تقف وراء أغلب المآسي.

ويضاف إلى ذلك تجاهل علامات الوقوف والإشارات الضوئية، والتجاوز المعيب، بل وحتى السياقة في حالة سكر، وهي ممارسات تضع حياة السائقين والمارة في خطر مستمر.

مقارنة بحصيلة الأسبوع الماضي: تراجع طفيف لا يُطمئن

عند مقارنة حصيلة الأسبوع الممتد من 20 إلى 26 أكتوبر بالحسابات الرسمية للأسبوع الذي سبقه (من 13 إلى 19 أكتوبر) نلاحظ ما يلي:

المؤشرالأسبوع 13–19 أكتوبرالأسبوع 20–26 أكتوبرالتغير
عدد القتلى3532🔻 انخفاض بـ3 حالات
عدد الجرحى34443157🔻 انخفاض بـ287 إصابة
الإصابات البليغة134117🔻 تراجع بـ17 إصابة
عدد الحوادث24922337🔻 انخفاض بـ155 حادثة

رغم أن هذه الأرقام تشير إلى تحسن طفيف في بعض المؤشرات، إلا أن الحصيلة تبقى مرتفعة جدًا بالمغرب، وتدل على أن السلوك الطرقي لا يزال الخطر الأكبر على سلامة المواطنين.

أما من ناحية المراقبة، فقد تم تسجيل 49.004 مخالفة هذا الأسبوع مقابل 45.530 مخالفة في الأسبوع السابق، ما يعني أن المراقبة الأمنية ارتفعت، لكنها لم تنجح بعد في الحد من النزيف تمامًا.

المراقبة الأمنية بالأرقام

في مواجهة هذا النزيف اليومي، تبذل مصالح الأمن الوطني بالمغرب جهودًا كبيرة في الردع والمراقبة.

فخلال الأسبوع ذاته، تم تسجيل 49.004 مخالفة، وإنجاز 8.136 محضراً أحيلت على النيابة العامة، إضافة إلى استخلاص 40.868 غرامة صلحية.

وبلغ المبلغ الإجمالي للغرامات 8.981.375 درهمًا، فيما تم إيداع 4.440 عربة بالمحجز البلدي، وسحب 8.136 وثيقة، وتوقيف 460 مركبة.

ورغم هذه الصرامة، إلا أن الأرقام تثبت أن الردع وحده لا يكفي.

من الردع إلى التربية الطرقية بالمغرب

الخبراء يؤكدون أن الحل لا يكمن فقط في تكثيف المراقبة، بل في إعادة بناء ثقافة السير لدى المواطنين، بدءًا من المدارس ووسائل الإعلام.

فغياب الوعي بخطورة السلوك المتهور يجعل الطرق المغربية مسرحًا يوميًا للحوادث، حتى في ظل وجود البنية التحتية الجيدة والتكنولوجيا الحديثة للرادارات والمراقبة.

ويشير متخصصون إلى أن المغرب يحتاج إلى استراتيجية وطنية شاملة للسلوك الطرقي، تدمج التوعية والتعليم والتكوين إلى جانب الزجر.

كلفة بشرية ومادية مرتفعة

تُعد حوادث السير من أكثر الكوارث تكلفةً على الاقتصاد الوطني، إذ تُقدّر خسائرها بنحو 2 إلى 3% من الناتج الداخلي الخام سنويًا، وفق دراسات رسمية سابقة.

أي أن كل حادث لا يعني فقط ضحايا وأسرًا منكوبة، بل أيضًا خسائر مالية ضخمة للدولة والمجتمع.

وإذا استمرت الوتيرة الحالية، فقد تصبح السلامة الطرقية أحد أكبر التحديات الاجتماعية والاقتصادية للسنوات المقبلة.

خلف الأرقام قصص موجعة

وراء كل رقم في هذه الحصيلة أسرة فقدت عزيزًا، وطفل ينتظر عودة والده، وأمّ تنتظر ابنها الذي لن يعود.

لذلك، فالتعامل مع هذه الحوادث لا يجب أن يظل في إطار “الإحصاءات الأسبوعية”، بل ينبغي أن يتحول إلى قضية وطنية تمس ضمير المجتمع بأكمله.

وتؤكد هذه الأرقام أن حرب الطرق في المغرب لم تُحسم بعد.

فما لم يتحول احترام قانون السير إلى سلوك جماعي وثقافة يومية، ستظل الأرواح تُزهق رغم كل الجهود الأمنية والتشريعية.
إنها دعوة صريحة لكل سائق وراجل إلى أن يكون جزءًا من الحل، لا من المشكلة.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً