طارق السكتيوي… حين تُفلس المقارنات ويُحرج الواقع الجميع

طارق السكتيوي رياضة طارق السكتيوي

دعونا نضع العاطفة جانباً للحظة، وننظر إلى الوقائع كما هي. الأرقام لا تكذب، ولا تجامل، ولا تخضع للميكروفونات أو “الخبراء الموسميين”. ما حققه طارق السكتيوي في فترة زمنية قصيرة، وتحت ظروف قاسية، لم يحققه أي مدرب مغربي قبله، ومع ذلك لا يزال البعض يتعامل مع إنجازه وكأنه حادث عرضي.

أولمبياد، “الشان”، ثم كأس العرب. ثلاث محطات مختلفة، بثلاثة سياقات معقدة، وبلا نجوم جاهزين أو أسماء مفروضة. ومع ذلك، النتيجة واحدة: نجاح متكرر. فهل ما زال هناك من يعتقد أن الأمر مجرد صدفة؟

من أنقذ المهمشين؟ ومن صنع الفارق؟

السؤال الحقيقي ليس: ماذا ربح السكتيوي؟

بل: ماذا كان وضع هؤلاء اللاعبين قبله؟

مع طارق السكتيوي، عاد لاعبون من الهامش إلى قلب المشهد، وتحوّل “المتوسطون” إلى عناصر حاسمة، وانفجر آخرون لم يكن يُعوّل عليهم. وهذه وحدها شهادة إدانة في حق من فشلوا سابقاً في قراءة هذه المواهب.

خذوا مثال حريمات. لاعب يُصرّ البعض على التقليل من قيمته، رغم أنه أول عميد في تاريخ الكرة المغربية يتوج مرتين جماعياً وفردياً. هل يعقل ألا يكون حريمات خياراً منطقياً في كأس إفريقيا 2025 إلى جانب أمرابط؟ هل تيرغالين أفضل منه فعلاً؟ أم أن المشكلة في العيون التي تُقيّم والعقول التي تُقرر؟.

السكتيوي قدّم لنا نسخة “إيطالية” من حريمات: عقل بارد، تمركز ذكي، وقيادة بلا ضجيج. لكن يبدو أن هذا لا يكفي لإقناع من لا يريدون الاقتناع أصلاً.

أسماء تفضح الخطاب القديم

بولكسوت، بلعمري، العراصي، بوكرين، المهري، المليوي، سعدان، البوفتيني، شويعر، البركاوي، كل هذه الأسماء لم تلمع صدفة، ولم تنفجر في الفراغ. هناك مدرب واحد يقف خلف هذا التحول. مدرب يفهم الكرة الحديثة، ويؤمن بأن اللاعب المحلي ليس مشكلة، بل الحل حين يجد من يؤمن به.

مدرب يُزعج لأنه لا يشبه الصورة النمطية

طارق السكتيوي لا يُجيد التسويق لنفسه، ولا يحب الأضواء، ولا يتقن لغة “التبرير بعد الفشل”. وربما لهذا السبب يُزعج البعض. هو مدرب يعمل بصمت، يخلط المقادير بدقة، ويُخرج طبقاً كروياً متوازناً، لا يُسكر الجماهير مؤقتاً ولا يُصيبها بعسر الهضم لاحقاً.

لسنا هنا للدعوة إلى المقارنات، ولا لتحويل بطولة إلى عصا تُكسر بها رؤوس الآخرين. ولا نتمنى أن تمتد أي شظايا نفسية أو إعلامية إلى كأس إفريقيا.

لكن أيضاً، من غير المقبول الاستمرار في التقليل من قيمة مدرب أثبت نفسه، ولا من لاعب محلي أثبت أنه يستحق أكثر من مجرد الذكر في الهامش.

الخلاصة… الحقيقة المزعجة

طارق السكتيوي ليس مشروع مدرب، بل مدرب ناجح بالفعل. وومحمد حريمات ليس “حالة ظرفية”، بل لاعب كبير تجاهله النقاش طويلاً. ومن لا يعجبه هذا الكلام، فليُجادل بالأرقام… لا بالانطباعات.

ألف مبروك للكرة المغربية، والبقية… مجرد ضجيج.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً