من يتابع اختيارات وليد الركراكي في وسط ميدان المنتخب يلاحظ أن المدرب يفرّق بوضوح بين مباريات “التحكم” ومباريات “الاطمئنان”. أمام المنتخبات الضعيفة، لا يتردد في إبعاد سفيان أمرابط، ويمنح الفرصة لعيناوي مع تقدم أوناحي وصيباري لخلق كثافة هجومية وسيطرة أوضح على الكرة. في هذه الحالات، يبدو المنتخب أكثر تحرراً، وأكثر قدرة على فرض إيقاعه، وغالباً ما تأتي النتيجة مريحة.
لكن هذا الخيار سرعان ما يختفي عند أول مواجهة قوية. هنا يعود أمرابط إلى الواجهة، ليس لأنه يقدم الإضافة في البناء أو الاستحواذ، بل لأنه يمثل بالنسبة للمدرب صمام أمان دفاعياً. الركراكي يعرف أن هذا الاختيار يحدّ من جودة الخروج بالكرة، لكنه يعوّض ذلك باللعب المباشر وتجاوز وسط الميدان بسرعة، في مقاربة تقوم على تقليل المخاطر أكثر من صناعة التفوق.
في هذا السياق، يطرح كثيرون سؤال ثنائية عيناوي – ترغالين، التي لا تُقدَّم فقط كبديل لأمرابط، بل كحل أعمق لإشكالية وسط الميدان. الحديث هنا لا يتعلق بإلغاء الدور الدفاعي، بل بإعادة تعريفه. هذه الثنائية قادرة على منح المنتخب توازناً مختلفاً، يقوم على التحكم في الكرة، والتمركز الذكي، والقدرة على امتصاص ضغط الخصم دون اللجوء الدائم للتشتيت.
أمام منتخبات تملك الاستحواذ وتُجيد اللعب بين الخطوط، مثل نيجيريا أو السنغال، يصبح الاكتفاء بالدفاع وانتظار المرتدات خياراً محدود السقف. هزم هذا النوع من المنتخبات يمر غالباً عبر امتلاك الكرة أكثر منها، وقطع المرتدات من جذورها، وفرض إيقاع يخرج الخصم من منطقة راحته. وهنا بالضبط تظهر القيمة التكتيكية لثنائية عيناوي وترغالين.
لو قُدّر لهذه الثنائية أن تحصل على الاستمرارية والانسجام، لتغيّر الكثير في شكل المنتخب المغربي. أوناحي سيكون أكثر تحرراً هجومياً، وأقل عرضة لفقدان الكرة في مناطقنا، الأظهرة ستجد المساحات للتقدم بثقة أكبر، واللعب في أنصاف المساحات والاختراق من العمق سيصبح خياراً دائماً لا ظرفياً.
قد يكون تردد وليد الركراكي مفهوماً من زاوية الحذر، وربما من زاوية رمزية أيضاً، خاصة مع الذاكرة القريبة لتألق ترغالين في الأولمبياد تحت قيادة سكتيوي. لكن كرة القدم لا تعترف بالسياقات السابقة بقدر ما تكافئ الحلول القادرة على صناعة الفارق في الحاضر.
في النهاية، ثنائية عيناوي – ترغالين ليست مقامرة غير محسوبة، بل مشروع يحتاج فقط إلى الثقة والوقت. وقد يكون السؤال الحقيقي اليوم ليس لماذا لا يعتمدها الركراكي، بل متى يقرر أن يمنحها الفرصة الكاملة.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)