ما وراء لقاء بوريطة ولافروف في موسكو.. هل تدخل العلاقات المغربية الروسية مرحلة جديدة؟

بوريطة ولافروف مختارات بوريطة ولافروف

في لقاء بوريطة ولافروف بموسكو، أكد المغرب على شراكة استراتيجية مع روسيا، تشهد زخماً متزايداً. ناقش الجانبان التعاون الاقتصادي المتنامي (السياحة، الطاقة، الصيد)، والتنسيق السياسي حول قضايا إقليمية ودولية (الشرق الأوسط، أفريقيا). كما شددا على رؤية مشتركة لعالم متعدد الأقطاب. الزيارة تهدف لتعزيز العلاقات وتكريس الانفتاح المتوازن.

في خطوة دبلوماسية تحمل أكثر من دلالة، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025 بموسكو، أن المغرب يعتبر روسيا، وفق الرؤية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، شريكًا موثوقًا وبنّاءً في مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.

وأوضح بوريطة، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت مباحثاته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن اللقاء “طبعته روح من الحوار العميق والمثمر”، مشيراً إلى أن العلاقات بين الرباط وموسكو تشهد زخماً متزايداً منذ توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية المعمقة قبل عشر سنوات، خلال الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك إلى روسيا.

شراكة استراتيجية تتجدد في عامها العاشر

تقترب العلاقات المغربية الروسية من محطة رمزية مهمة سنة 2026، التي ستصادف الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين.

وخلال هذا العقد، تم التوقيع على 16 اتفاقية شملت مجالات متعددة من الفلاحة إلى الطاقة والتعاون الأكاديمي، وجميعها دخلت حيز التنفيذ، ما يعكس متانة الإطار القانوني الذي يجمع الرباط وموسكو — إذ يتجاوز اليوم 188 اتفاقية ثنائية، وهي من بين الأغزر على صعيد علاقات المملكة مع الدول الكبرى.

دينامية اقتصادية متنامية وتعاون سياحي متطور

في الشق الاقتصادي، كشف بوريطة أن العلاقات التجارية والسياحية بين البلدين تشهد نمواً لافتاً، إذ تُتوقع سنة استثنائية على مستوى تدفق السياح الروس إلى المغرب، بالتوازي مع إعادة فتح الخط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وموسكو بمعدل سبع رحلات أسبوعية، مع مشروع خط جديد نحو سان بطرسبورغ.

وتُعقد غداً الدورة الثامنة للجنة الحكومية المشتركة المغربية الروسية، بمشاركة نائب الوزير الأول الروسي، من أجل توقيع اتفاقيات جديدة في مجالات الطاقة، الصيد البحري، الفلاحة، والتعليم العالي، في تأكيد على إرادة الطرفين لتعميق التعاون الاقتصادي القطاعي.

تفاهم سياسي حول القضايا الإقليمية والدولية

سياسياً، أكد الوزيران تطابق وجهات نظر البلدين حول عدد من القضايا، أبرزها الوضع في الشرق الأوسط، حيث شدّد بوريطة على أن المغرب، من منطلق رئاسة جلالة الملك للجنة القدس، يؤمن بأن حل الدولتين هو الإطار الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم.

كما أشاد بالجهود الدولية المبذولة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن الاستقرار الإقليمي لن يتحقق دون معالجة جوهر القضية الفلسطينية.

أفريقيا في صلب الحوار المغربي الروسي

القارة الإفريقية كانت أيضاً محوراً رئيسياً في المباحثات، حيث جدد بوريطة التأكيد على دعم المغرب لخيارات الدول الإفريقية واحترام سيادتها، مشدداً على رفض أي وصاية من قوى استعمارية سابقة أو أطراف خارجية.

وأكد الجانبان أهمية التنسيق في منطقة الساحل والصحراء، والعمل المشترك من أجل مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار والتنمية.

كما تم التطرق إلى المنتدى الروسي الإفريقي الذي يعتبره المغرب إطاراً واعداً لتعزيز التنمية والشراكة العادلة بين موسكو والعواصم الإفريقية.

رؤية مشتركة لعالم متعدد الأقطاب

وفي سياق التحولات الدولية المتسارعة، شدد بوريطة على أن المغرب وروسيا يؤمنان بضرورة قيام نظام دولي متعدد الأطراف أكثر عدلاً وفاعلية، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول النامية، ولاسيما في القارة الإفريقية.
ودعا الوزير إلى إصلاح منظومة العمل متعدد الأطراف حتى تكون قادرة على الاستجابة للتحديات الراهنة.

نحو أفق جديد للعلاقات الثنائية

اختُتمت الزيارة بتوجيه بوريطة دعوة رسمية إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لزيارة الرباط، في إطار الاحتفال بمرور عشر سنوات على إعلان الشراكة الاستراتيجية.

خطوة يرى مراقبون أنها تكرّس التحول النوعي في السياسة الخارجية المغربية، القائمة على تنويع الشراكات وتعزيز الانفتاح المتوازن على القوى الكبرى، بما يخدم المصالح العليا للمملكة ويعزز حضورها في المشهد الدولي.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً