رغم الانطلاقة القوية لكأس إفريقيا المقامة بالمغرب، وما رافقها من زخم إعلامي وتنظيمي لقي إشادة واسعة، برزت مفارقة لافتة في عدد من المباريات، تمثلت في ضعف الحضور الجماهيري داخل الملاعب، خاصة خلال اللقاءات التي لا يكون المنتخب المغربي طرفًا فيها. مشاهد المدرجات شبه الفارغة فتحت باب النقاش حول الأسباب الحقيقية لهذا العزوف، بعيدًا عن الأحكام الجاهزة.
مدرجات خالية تطرح أكثر من سؤال
بعض مباريات دور المجموعات، مثل مواجهة مالي وزامبيا أو لقاء جنوب إفريقيا وأنغولا، قُدمت في ظروف تنظيمية جيدة، لكن ذلك لم يكن كافيًا لجذب الجماهير. هذه الصور بدت متناقضة مع الصورة المعهودة عن المشجع المغربي، المعروف بشغفه الكبير بكرة القدم وحضوره القوي في مختلف المنافسات القارية والدولية.

التسعيرة الموحدة في قلب النقاش
العامل الأبرز في هذا الجدل يرتبط بسياسة تسعير التذاكر، حيث تم تحديد سعر أدنى موحد في حدود 100 درهم لجميع مباريات البطولة. هذا الخيار، ورغم وجاهته من زاوية تنظيمية وضمان مداخيل مستقرة، اصطدم بواقع القدرة الشرائية لشريحة واسعة من الجماهير، خاصة عندما يتعلق الأمر بمباريات تفتقر للارتباط العاطفي أو لا تضم منتخبات ذات شعبية كبيرة داخل المغرب.
المشجع المحلي يجد صعوبة في تبرير دفع مبلغ يعتبره مرتفعًا نسبيًا لمتابعة مباراة لا تحمل رهانات كبرى أو نجومًا معروفين، خصوصًا في ظل تعدد المصاريف اليومية، ما يجعل حضور هذه اللقاءات خيارًا ثانويًا لدى الكثيرين.

القيمة الرياضية والتسويقية للمباريات
إلى جانب الجانب المادي، تبرز مسألة القيمة الرياضية والتسويقية. في كبرى البطولات العالمية، يتم عادة اعتماد تسعيرة متدرجة تراعي أهمية المباراة، قوة المنتخبات، والمرحلة التي تجرى فيها المواجهة. التسعيرة الموحدة قد تكون منطقية في مباريات القمة أو الأدوار الإقصائية، لكنها تفقد فعاليتها في لقاءات دور المجموعات بين منتخبات متقاربة المستوى ولا تملك جاذبية جماهيرية واسعة.
هل من حلول لإعادة الحياة إلى مدرجات بطولة كأس إفريقيا؟
أمام هذا الوضع، تبدو اللجنة المنظمة التابع للكاف، مطالبة بإعادة تقييم مقاربة بيع التذاكر، عبر اعتماد قدر أكبر من المرونة وتخفيض الأسعار لبعض المباريات، تقديم عروض تفضيلية، أو تخصيص تذاكر رمزية لفئات معينة كالشباب والطلبة، قد يشكل خطوة مهمة نحو استقطاب جمهور أوسع وإضفاء أجواء أكثر حيوية على الملاعب، بما ينعكس إيجابًا على صورة البطولة ككل.
ضعف الحضور الجماهيري في بعض مباريات كأس إفريقيا 2025، لا يعكس فتورًا في شغف الجمهور، بقدر ما يكشف عن فجوة بين سياسة التسعير وتوقعات المشجعين. معالجة هذا الخلل قد تكون مفتاحًا لضمان مدرجات ممتلئة، تليق بحجم الحدث وبصورة المغرب كبلد منظم للبطولات الكبرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)