على بُعد ساعات قليلة من صافرة انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم (المغرب 2025)، المقررة ما بين 21 دجنبر و18 يناير، بدأت ملامح المنتخبات المرشحة للتتويج تتشكل بوضوح. فهذه النسخة، التي تعود فيها البطولة إلى المغرب، لا تُختزل فقط في عامل التنظيم، بل تضع القارة أمام سباق مفتوح بين جيل جديد من الطامحين وقوى تقليدية تعرف جيدًا دهاليز التتويج القاري.
المغرب… مرشح منطقي بثقل الإنجاز والاستمرارية
من الصعب الحديث عن المرشحين دون التوقف عند المنتخب المغربي، الذي يدخل البطولة بصفته صاحب الأرض، لكن أيضًا كمنتخب راكم ما يكفي من المعطيات ليُصنف في صدارة الترشيحات. “أسود الأطلس” لا يستندون فقط إلى عامل الجمهور، بل إلى مسار تصاعدي بدأ قبل سنوات وتُوّج بإنجاز تاريخي في مونديال قطر 2022، حين بلغوا نصف النهائي وغيّروا نظرة العالم لكرة القدم الإفريقية.
هذا الاستقرار انعكس على أرقام المنتخب، حيث تشير إحصائيات مؤسسة “أوبتا” إلى تصدر المغرب استطلاعات حظوظ التتويج بنسبة 19 في المائة، وهي نسبة تعكس حجم الثقة التي بات يحظى بها هذا الجيل، الذي يمزج بين لاعبين شباب صاعدين وعناصر مخضرمة خبرت الضغط والمواعيد الكبرى.
إلى جانب ذلك، أوقعت القرعة المنتخب المغربي في مجموعة تبدو في المتناول نظريًا، تضم جزر القمر ومالي وزامبيا، ما يمنحه فرصة فرض إيقاعه منذ الدور الأول والتحكم في مسار المنافسة دون استنزاف مبكر.
ومع توقع امتلاء الملاعب عن آخرها، وفق معطيات الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، تبدو كل مباراة للمنتخب الوطني وكأنها لعب على أرضية مألوفة نفسيًا وفنيًا، وهو عامل غالبًا ما يصنع الفارق في البطولات القارية.
حامل اللقب والعمالقة التقليديون… سباق مفتوح خلف المغرب
ورغم أسبقية المغرب على الورق، فإن الطريق إلى اللقب لن تكون مفروشة بالورود، في ظل حضور منتخبات اعتادت اعتلاء منصة التتويج.
كوت ديفوار، حاملة اللقب، تدخل البطولة بعبء الدفاع عن إنجاز تحقق في سيناريو درامي على أرضها. المنتخب الإيفواري، بقيادة إيميرس فاي، راكم نضجًا واضحًا، ويضم عناصر مجربة تنشط في أعلى المستويات الأوروبية. التحدي الأكبر أمام “الفيلة” سيكون في إدارة الضغط المرافق لوضع حامل اللقب، وتحويل زخم التتويج السابق إلى قوة دفع، لا إلى عبء إضافي.
أما السنغال، بطلة نسخة 2022، فتظل أحد أكثر المنتخبات توازنًا على مستوى القارة. بقيادة أسماء وازنة مثل ساديو ماني وكاليدو كوليبالي، يمتلك “أسود التيرانغا” تشكيلة متكاملة، وخبرة تجعلهم دائمًا ضمن دائرة المرشحين. مشاركتهم في هذه النسخة تحمل رغبة واضحة في استعادة الهيبة، بعد الإقصاء المفاجئ في النسخة الماضية.
من جهته، يبقى المنتخب المصري حاضرًا في كل الحسابات، حتى وإن لم يدخل البطولة بصفة المرشح الأول. “الفراعنة”، أصحاب الرقم القياسي في عدد الألقاب، يجيدون اللعب تحت الضغط، ويعتمدون على تنظيم تكتيكي صارم وقدرة على الحسم في اللحظات المفصلية، وهي عناصر تجعلهم دائمًا “الحصان الأسود” القادر على قلب الموازين.
الجزائر… بحث عن رد الاعتبار
ولا يمكن إغفال المنتخب الجزائري، الذي يدخل البطولة بطموح تعويض خيبات النسخ الأخيرة. فمنذ تتويجه بلقب 2019، عاش “ثعالب الصحراء” إقصاءين مبكرين من الدور الأول، وهو ما جعل هذه المشاركة تحمل طابع رد الاعتبار أكثر من أي شيء آخر. الجزائر تراهن على خبرتها القارية وعلى رغبة لاعبيها في استعادة ثقة جماهيرهم، في بطولة لا تعترف بالماضي بقدر ما تكافئ الجاهزية اللحظية.
بطولة مفتوحة… والتفاصيل تصنع البطل
ما يميز كأس إفريقيا للأمم دائمًا هو صعوبة التوقع. فبين مرشحين واضحين ومنتخبات تلعب دون ضغوط، غالبًا ما تُحسم الألقاب بتفاصيل صغيرة: هدف متأخر، خطأ دفاعي، أو لحظة تألق فردي.
في نسخة المغرب 2025، تبدو الصورة الأولية واضحة، لكن الميدان وحده كفيل بإعادة ترتيب الأوراق. وبين منتخب يسعى لتأكيد زعامته، وآخرين يطاردون المجد أو رد الاعتبار، تعد هذه الدورة بأن تكون واحدة من أكثر النسخ تنافسية وإثارة في السنوات الأخيرة.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)