موجة حر تاريخية تضرب حوض المتوسط وأوروبا تستنفر وفي التفاصيل، يشهد حوض البحر الأبيض المتوسط وأجزاء واسعة من أوروبا واحدة من أقسى موجات الحر منذ سنوات، حيث تشير التوقعات إلى تجاوز درجات الحرارة 40 درجة مئوية نهاية هذا الأسبوع في عدد من الدول، ما دفع السلطات إلى رفع حالة التأهب القصوى واتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة خطر الحرائق والتداعيات الصحية الناجمة عن هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
من إسبانيا إلى البلقان… لهب يمتد عبر القارة
تشمل موجة الحر الحالية نطاقًا جغرافيًا واسعًا يمتد من شبه الجزيرة الإيبيرية غربًا، مرورًا بـفرنسا وإيطاليا، وصولًا إلى البلقان واليونان شرقًا، في وقت يحذر فيه علماء المناخ من أن هذه الظواهر ليست استثنائية فحسب، بل مؤشرات متزايدة على تغير مناخي يتفاقم بفعل النشاط البشري، ما يجعل موجات الحر أكثر حدة وأطول زمنًا.
أمريكا الشمالية بدورها تئن تحت درجات غير مسبوقة
في الولايات المتحدة، يعاني عشرات الملايين من موجة حر توصف بـ”الخطيرة للغاية”، بحسب هيئة الأرصاد الجوية الوطنية، خاصة في ولايات الساحل الشرقي كـنيويورك وواشنطن. ومع تزايد تشغيل أجهزة التكييف، تتعرض شبكات الكهرباء لضغط هائل وسط ارتفاع غير مسبوق في الطلب على الطاقة.
إسبانيا والبرتغال في واجهة الخطر
في إسبانيا، تتهيأ الطواقم الطبية لمواجهة ارتفاع متوقع في حالات ضربات الشمس والإجهاد الحراري، خاصة بين الأطفال والمسنين ومرضى الأمراض المزمنة. أما في البرتغال، فقد أعلنت وكالة الأرصاد الجوية أن موجة الحر ستبدأ من يوم السبت، وقد تتجاوز 42 درجة مئوية في العاصمة لشبونة، مع وضع ثلثي البلاد في حالة تأهب قصوى.
كما تتصاعد مخاوف من اندلاع حرائق، خصوصًا في المناطق الداخلية الشمالية وساحل الغارف السياحي، حيث ترتفع درجات الخطورة إلى مستويات غير مسبوقة.
فرنسا: البحر يسخّن الأرض والليالي تصبح خانقة
تعيش فرنسا على وقع موجة حرّ مستمرة منذ أكثر من أسبوع، حيث تم وضع أربع مناطق جنوبية في حالة تأهب يوم الجمعة 27 يونيو، مع توقعات بتجاوز درجات الحرارة 39 درجة في المناطق الداخلية.
وأكدت وكالة الأرصاد الفرنسية أن درجات حرارة سطح البحر في المتوسط تُعد عاملًا مفاقمًا، يجعل الليالي أكثر اختناقًا، بينما تستعد البلاد لوضع تسع مناطق إضافية في حالة تأهب بدءًا من ظهر السبت.
إيطاليا: تأهب في 21 مدينة وتحذيرات من الخروج نهارًا
وفي إيطاليا، أعلنت وزارة الصحة حالة تأهب قصوى في 21 مدينة بينها روما وميلانو والبندقية، بالتزامن مع احتفالات فاخرة مثل زفاف جيف بيزوس في أجواء خانقة. ودعت السلطات المواطنين إلى تجنب الخروج من منازلهم بين الساعة 11 صباحًا و6 مساءً، والاحتماء داخل الأماكن المكيفة.
اليونان والبلقان: حرائق تجتاح الغابات والسكان يُجبرون على الإخلاء
وفي البلقان واليونان، تصدر السلطات تحذيرات صحية وبيئية عاجلة. في كرواتيا والبوسنة وصربيا، تم رفع درجة التأهب بعد انتشار الحرائق. أما في ألبانيا، فقد اشتعلت ثمانية حرائق غابات على الأقل، أتت على عشرات المنازل في الجنوب.
وفي اليونان، يتوقع أن تصل الحرارة إلى أكثر من 40 مئوية حتى في العاصمة أثينا. وقد اضطرت السلطات إلى إخلاء منازل قريبة من العاصمة بعد اندلاع حريق ضخم، جاء بعد كارثة مماثلة في جزيرة خيوس، حيث أتت النيران على أكثر من أربعة آلاف هكتار من الأراضي في أربعة أيام فقط.
تغير المناخ يفرض نفسه
تشير كل المؤشرات إلى أن هذه الموجة الحارة ليست مجرد اضطراب موسمي، بل ترجمة واضحة لتغير مناخي متسارع، باتت معه درجات الحرارة القصوى والحرائق والاضطرابات الصحية ظواهر متكررة في صيف أوروبا.
ويحذر الخبراء من أن السنوات المقبلة قد تشهد مزيدًا من هذه الأزمات المناخية ما لم تُتخذ إجراءات حازمة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز البنية التحتية لمواجهة الكوارث الطبيعية، التي لم تعد استثناءً، بل واقعًا متكرّرًا يفرض نفسه بقوة.
التعاليق (0)