ألغيت ودية المغرب والأرجنتين لأسباب مالية وتنظيمية، لكن المحلل حسن فاتح يرى أبعادًا أعمق. يعتبر فاتح أن الأرجنتين رأت في الودية فرصة للربح، لكن قوة المغرب المتصاعدة عالمياً (نصف نهائي المونديال، فوز الأشبال على الأرجنتين) غيّرت المعادلة. أصبح التفاوض "ند للند" و"رابح رابح" ضرورة. المقال يؤكد أن المغرب يرفض أن يكون مجرد "زبون" ويطمح لمواجهات جدية، بينما يرى أن الوديات مع منتخبات أخرى (مثل البحرين) قد تكون أكثر فائدة.
كشفت تقارير إعلامية عن إلغاء الودية المرتقبة بين المنتخب المغربي لكرة القدم ونظيره الأرجنتيني، معلنةً عن تحول في وجهة بطل العالم الذي اختار مواجهة أنغولا بدلاً من “أسود الأطلس” في نوفمبر المقبل. الخبر، أشار إلى أن الأسباب الكامنة وراء هذا الإلغاء هي “مالية وتنظيمية”.
لكن، خلف هذه الأسباب المعلنة، يرى المحلل الرياضي والإعلامي السابق بالقناة الثانية المغربية “دوزيم”، حسن فاتح، أن القصة تحمل أبعاداً أعمق تتجاوز مجرد التفاصيل اللوجستية والمالية، لتلامس مفهوم القوة الكروية المتصاعدة للمغرب على الساحة العالمية.
الوديات: استعراض باهظ الثمن أم اختبار حقيقي؟
في تحليل جريء، يصف فاتح الوضع الذي كان يعتقد فيه الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، قائلاً: “هكذا كان حال المنتخب الأرجنتيني وجامعته، التي رمت صنارتها، لعلها تصطاد مئات الملايين، دون طبعاً احتساب الفندق الفاخر، والنقل المكيف، والأكل الذي يليق بالمقام، فقط مقابل مقابلة ودية، نرى فيها ميسي ورفاقه يلعبون باقتصاد كبير، خوفاً على أرجلهم وحفاظاً على طاقتهم من أجل أنديتهم”.
هذا التصور يعكس نظرة استعلائية لبعض المنتخبات الكبرى التي ترى في الوديات مع المنتخبات العربية والإفريقية مجرد فرصة لتحقيق عائدات مالية ضخمة، مقابل أداء يوصف بـ”الاقتصادي” أو “الاستعراضي” يفتقر إلى الجدية التنافسية.
المنتخب المغربي ليس مجرد “زبون”
بالنسبة لحسن فاتح، تكمن نقطة التحول الرئيسية في إدراك القوة الحقيقية للكرة المغربية. فانتصار المنتخب المغربي على نظيره الأرجنتيني في نهائي كأس العالم للأشبال، والذي وصفه بـ”إبهار للعالم”، لم يكن مجرد فوز عابر، بل تذكير بأن الكرة المغربية قد تجاوزت مرحلة “التنفيذ دون شروط مسبقة”.
هذا الإنجاز، بالإضافة إلى إنجاز المنتخب الأول بالوصول إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022، يضع أي مفاوضات مستقبلية على قاعدة جديدة: “الند للند” و“رابح رابح”.
ويؤكد فاتح على هذه المعادلة: “هذه الجامعة وهذا المنتخب الأرجنتيني، الذي يطالبنا بمئات الملايين ليلعب ودية ضدنا، نسي أو تناسى مكانة كرتنا وقيمتها عالمياً وقارياً، وبأن أي مفاوضات يجب أن تكون وفق معادلة واضحة: الند للند ورابح رابح ولا شيء غير ذلك”.
الدرس الواضح: القوة الكروية تغير قواعد اللعبة
تؤكد ردود الفعل الأخرى على المنشور هذا التحول في الوعي. فقد لخص أحد المعلقين الدرس بالقول: “المنتخب المغربي أعطى درسًا للعالم، القوة والروح أهم من المال والمظاهر، وأي مباراة يجب أن تكون على قاعدة الند للند، رابح رابح بلا استغلال أو تبذير”. بينما أشار آخر بوضوح إلى أن الأرجنتين “ربما نست أو تناست” بلوغ المنتخب المغربي نصف نهائي المونديال و”الصعقة” التي وجهها منتخب الشباب الأرجنتيني.
وفي الختام، يرى حسن فاتح أن الأرجنتين ستلعب ضد أنغولا “وهو يتحسر على مواجهة كانت ستكون مفيدة لهم ولنا مبدئياً”. ولكنه يجزم بأن الأهم هو الابتعاد عن الوديات “الاستعراضية وما تكلفه من مصاريف دون طائل”، مشيراً إلى أن المواجهات ضد منتخبات عربية أو إفريقية أخرى – مثل البحرين مثلاً – قد تؤدي الغاية المرجوة من الناحية الفنية والتحضيرية بعيداً عن الاستغلال المالي.
إن إلغاء الودية مع الأرجنتين، بغض النظر عن الأسباب المعلنة، يرسخ حقيقة أن كرة القدم المغربية قد ارتقت إلى مصاف من يفرضون شروطهم، ويرفضون أن يكونوا مجرد محطة لتحقيق الأرباح، مؤكدةً أن مكانة “أسود الأطلس” لا يمكن أن تُقوَّم بـ”مئات الملايين” بل بوزنها الكروي العالمي.

التعاليق (0)