بروتين سحري للتحكم في دهون جسمك وفي التفاصيل، في اكتشاف قد يفتح آفاقاً جديدة لعلاج السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية، تمكن فريق من العلماء من تحديد جزيء بروتيني يعمل بمثابة “مكابح” تمنع نشاط الأنسجة الدهنية البنية، وهي الأنسجة المسؤولة عن حرق الدهون في الجسم.
وقد أجرى هذه الدراسة الهامة باحثون من جامعة برشلونة الإسبانية، ونُشرت نتائجها في الدورية العلمية المرموقة “الأيض الجزيئي” (Molecular Metabolism) في شهر أبريل الماضي.
الدهون البنية.. الحليف الصحي المنسي
لفهم أهمية هذا الاكتشاف، يجب معرفة أن جسم الإنسان يحتوي على نوعين من الأنسجة الدهنية: البيضاء، التي تخزن الطاقة على شكل دهون، والبنية، التي تعمل كعضو رئيسي لتوليد حرارة الجسم من خلال حرق الدهون والسعرات الحرارية. وتمتلك هذه الدهون البنية وظيفة وقائية ضد أمراض السمنة والسكري وأمراض القلب. لكن المشكلة هي أن نشاط هذه الأنسجة المفيدة يتناقص مع تقدمنا في السن، وكذلك لدى الأشخاص المصابين بالسمنة.
البروتين “ACBP”.. المفتاح المزدوج
كانت الأبحاث السابقة تركز على إيجاد طرق لتنشيط الدهون البنية، لكن هذه الدراسة الجديدة، التي أجريت على نماذج حيوانية، نجحت في تحديد أحد العوامل الرئيسية التي تثبطها، وهو بروتين يُعرف باسم “ACBP”.
وكشفت الدراسة أن هذا البروتين يلعب دوراً مزدوجاً: ففي الظروف العادية، يقوم بتنظيم نشاط الدهون البنية عندما لا تكون هناك حاجة لحرق الدهون (مثلاً في بيئة دافئة). ولكنه يشارك أيضاً، عند وجود خلل ما، في تثبيط هذه الأنسجة بشكل مرضي، مما يساهم في الإصابة بالسمنة.
آفاق علاجية واعدة للسمنة والسرطان
إن تحديد هذا البروتين “المثبط” يفتح الباب أمام استراتيجيات علاجية مبتكرة. فبالنسبة لعلاج السمنة، يمكن للباحثين الآن تصميم أدوية تعمل على إعاقة نشاط بروتين “ACBP”، مما سيؤدي إلى “تحرير” الدهون البنية لتقوم بوظيفتها في حرق المزيد من السعرات الحرارية والدهون المخزنة.
وعلى نحو مفاجئ، قد يكون لهذا البروتين دور علاجي في أمراض أخرى مثل السرطان. ففي بعض أنواع السرطان، يصبح النسيج الدهني البني مفرط النشاط بشكل مرضي، مما يؤدي إلى إنفاق غير منضبط لطاقة الجسم وهزال شديد للمريض (Cachexia). وفي هذه الحالة، يمكن استخدام بروتين “ACBP” كأداة علاجية مهمة لكبح هذا النشاط المفرط والمساعدة في وقف هزال مرضى السرطان.
ويخلص الباحثون إلى أن تحديد هذا العامل الجزيئي يوفر فهماً أعمق لآليات التحكم في التمثيل الغذائي، وقد يفسر أيضاً بعض الظواهر، مثل ارتباط ارتفاع درجات الحرارة عالمياً بارتفاع معدلات السمنة، حيث يؤدي الدفء إلى زيادة نشاط هذا البروتين المثبط. ويمثل هذا الاكتشاف خطوة حاسمة نحو تصميم أدوات تدخل جديدة لتعزيز صحة أفضل.
التعاليق (0)