المغرب يعيد رسم خريطة التجارة في إفريقيا عبر "طريق الداخلة". ميناء طنجة المتوسط كممر إنقاذ عالمي، وميناء الداخلة الأطلسي مشروع ضخم يربط الأطلسي بالعمق الإفريقي. "طريق الداخلة" يوفر طريقًا آمنًا وموثوقًا به، مع معبر "أمغالا" الجديد. المغرب يقدم حلولًا مستدامة للتجارة، موجهًا البوصلة اللوجستية للقارة نحو الجنوب.
في عالم تتزايد فيه المخاطر الجيوسياسية وتتعرض فيه سلاسل الإمداد العالمية لاهتزازات متكررة، يبرز المغرب كـ“شبكة أمان” لوجستية لا غنى عنها، خاصة بالنسبة لمنطقة غرب إفريقيا والساحل، حيث لم يعد الدور المغربي مجرد بديل عابر، بل هو عملية استراتيجية لإعادة رسم خريطة التجارة الإقليمية بالكامل، مستندة إلى الأمن والموثوقية والاستدامة.
طنجة المتوسط: الممر الإنقاذ في زمن الأزمات
بينما تُعاني الطرق التجارية البرية التقليدية في منطقة الساحل من شلل متزايد، بسبب تصاعد هجمات الجماعات المسلحة التي تُهدد قوافل الوقود والبضائع، ينهض ميناء طنجة المتوسط كـممر إنقاذ دولي. إن تحول هذا الميناء إلى مركز لوجستي عالمي أصبح حقيقة مؤكدة؛ فمؤشر الاتصال البحري للميناء قفز من 450 إلى 557 نقطة خلال خمس سنوات فقط، ليُثبت جدارته كبوابة استراتيجية تربط أوروبا بالعمق الإفريقي. إنه اليوم أكثر من مجرد ميناء، إنه ضمانة عالمية لاستمرار تدفق التجارة.
الداخلة الأطلسي: البوصلة تتجه جنوباً لفتح قلب القارة
لكن المفاجأة الكبرى والاستراتيجية لا تكمن في الشمال فحسب، بل إن الرؤية المغربية تمتد بعمق نحو الجنوب الأطلسي. ففي الوقت الذي تتنافس فيه العواصم التقليدية على زعامة الممرات البحرية، يبني المغرب بهدوء وثقة قطبه الإفريقي الجديد: ميناء الداخلة الأطلسي.
هذا المشروع الضخم، الذي تفوق كلفته 12.5 مليار درهم مغربي، ليس مجرد بنية تحتية محلية، بل هو مشروع قارّي يهدف إلى ربط المحيط الأطلسي بعمق القارة الإفريقية. سيعمل الميناء كرافعة لوجستية هائلة بطاقة استيعابية مُقدرة بـ 35 مليون طن سنوياً بحلول عام 2029.
ميناء الداخلة الأطلسي لا يقف منعزلاً؛ بل يندمج في سلسلة لوجستية مُتكاملة عبر الطريق الوطنية رقم 1، التي تربط الداخلة بالكركرات، ومنها تتشعب إلى موريتانيا ومالي والنيجر. هذا المحور الجديد يُشكل طريقاً جديداً أكثر أماناً وموثوقية نحو إفريقيا، مُلغياً التحديات الأمنية التي تعوق الممرات القديمة.
هذا في الوقت الذي سيتم فيه فتح معبر جدي، الأمر يتعلق بمعبر “أمغالا” الحدودي الجديد. هذا المعبر المرتقب ليس مجرد نقطة عبور إضافية، بل هو شريان حياة اقتصادي وتجاري ثانٍ، يضاف إلى معبر الكركرات، ليفتح آفاقًا واسعة أمام حركة البضائع والأفراد بين المملكة ودول غرب إفريقيا.
صناعة طريق مستدام نحو المستقبل
ما يقوم به المغرب ليس تقديم “بديل مؤقت” لمواجهة الأزمات الراهنة، بل هو صناعة لـ“طريق مستدام” جديد يربط أوروبا بالساحل الإفريقي في سلسلة لوجستية مُتينة. من خلال هذا التناغم بين طنجة المتوسط (بوابة المتوسط العالمية) والداخلة الأطلسي (قلب إفريقيا اللوجستي)، يُقدم المغرب نفسه كـالمنفذ الآمن للتجارة الإفريقية في عالم يختنق بالمخاطر.
من المتوسط إلى الأطلسي، ومن طنجة إلى الداخلة، خريطة التجارة في غرب إفريقيا تُعاد صياغتها، وواضحٌ أن البوصلة اللوجستية للقارة تتجه بقوة نحو الجنوب المغربي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)