النظام العسكري الجزائري.. من معاكسة المغرب إلى إشعال مالي: صناعة الفوضى كعقيدة دولة

النظام العسكري الجزائري بقيادة تبون وشنقريحة آراء النظام العسكري الجزائري بقيادة تبون وشنقريحة

في الوقت الذي تتطلع فيه منطقة الساحل إلى الانفراج والأمن والاستقرار، يواصل النظام العسكري الجزائري سلوكه العدائي نفسه، الذي ميز سياساته تجاه المغرب لسنوات طويلة، ليوسعه اليوم نحو مالي، في تدخل سافر ومباشر يكشف حقيقة الدور الذي يلعبه هذا النظام في تأجيج الأزمات وصناعة الفوضى وتغذية الانقسامات داخل الدول الإفريقية.

لقد انتقل النظام الجزائري من معاكسة المغرب ومحاولة عرقلة مساره التنموي والدبلوماسي، إلى توجيه كل آلته السياسية والأمنية والاستخباراتية نحو مالي، في محاولة مكشوفة لزعزعة استقرارها، عبر دعم شخصيات معارضة تتحرك من التراب الجزائري، وإطلاق تكتلات سياسية مصطنعة، ومحاولة خلق شرعية بديلة تدار من خارج باماكو، خارج إرادة الشعب المالي وخارج المؤسسات الشرعية للدولة.

إن إعلان ما يسمى بـ”تحالف قوى الجمهورية” (CFR)، بقيادة محمود ديكو، الذي يقيم في الجزائر ويتحرك برعايتها المباشرة، ليس إلا فصلا جديدا من المخططات العدائية التي تهدف إلى تحويل مالي إلى ساحة صراع مفتوح، وتعميق الانقسام الداخلي، وتسهيل اختراق الجماعات المتطرفة التي تتغذى على الفوضى وتستفيد من الدعم غير المعلن للنظام الجزائري، الذي حول حدوده الجنوبية إلى منطقة رمادية تعج بالحركات المسلحة التي تهدد أمن الساحل بأكمله.

وتكشف المعطيات أن الجزائر، بعد فشلها الذريع في تأليب الرأي الإفريقي والدولي ضد المغرب، وبعد سقوط روايتها حول “الانفصال” في الصحراء المغربية، لجأت إلى توجيه ضربتها نحو مالي، ظنا منها أن خلق فوضى جديدة سيعيد لها بعضا من النفوذ المفقود. لكن النتيجة كانت عكسية: فقد انكشف عمق تورطها في رعاية جماعات التمرد، وتوفير الملاذ والدعم اللوجيستي لقادة التنظيمات المسلحة التي تهدد استقرار مالي ومنطقة الساحل برمتها.

وجاء النفي القاطع لجبهة تحرير أزواد لأي علاقة أو انضمام لهذا التحالف المصطنع ليؤكد حقيقة أخرى: أن النظام الجزائري يحاول بكل ما أوتي من حيلة تلفيق تحالفات وهمية وصناعة مشاهد سياسية مزيفة، دون أن يملك القدرة على خلق دعم شعبي أو قبائلي أو سياسي حقيقي داخل مالي.

إن إقدام مالي، في يناير 2024، على إنهاء اتفاق الجزائر للسلام “بمفعول فوري” لم يكن قرارا عابرا، بل كان اعترافا رسميا بخطورة الدور الذي تلعبه الجزائر في تأجيج التمرد المسلح، وفي ضرب استقرار هذا البلد الإفريقي الذي يسعى لاستعادة سيادته ووحدته الترابية.

الواضح اليوم أن النظام العسكري الجزائري يعيش عزلة داخلية وخارجية خانقة، ويحاول تصدير أزماته نحو جيرانه عبر إشعال الحرائق الدبلوماسية والأمنية. وبعد أن فشل في المغرب، وارتدت عليه مناوراته، ها هو يحاول العبث بمالي وساحلها وشعبها، معتقدا أن بإمكانه رسم خرائط جديدة عبر التمويل والتسليح وإيواء قيادات الفوضى.

لكن ما لا يدركه هذا النظام هو أن زمن التحكم في مصائر الشعوب بالقوة والتمرد قد انتهى. وأن محاولاته المستمرة لإرباك مالي ستضعه في مواجهة مباشرة ليس فقط مع باماكو، بل مع مجمل دول الساحل التي باتت تدرك خطورة استمرار الجزائر في لعب دور “المتدخل الدائم” و”المزعزع المنتظم” لاستقرار المنطقة.

لقد حان الوقت ليكشف هذا السلوك العدائي بوضوح:
❌ الجزائر لا تبحث عن السلام في الساحل،
✅بل عن استدامة الفوضى.
❌لا تدعم الاستقرار،
✅بل تغذي التمرد.
❌ولا تحترم السيادة،
✅بل تعبث بحدود الدول وتزرع الأزمات حيثما استطاعت.

وما يحدث اليوم في مالي ليس سوى الدليل الجديد على أن النظام العسكري الجزائري، بعد أن خسر رهانه على المغرب، اتجه إلى جبهة أخرى يعتقد أنها سهلة الاختراق. لكن الحقيقة أن زيفه انكشف، ومخططاته باتت مرصودة، ومسؤولياته في تغذية العنف باتت أوضح من أي وقت مضى.

  • بقلم: سالكة/ كاتبة مغربية

التعاليق (0)

اترك تعليقاً