حول فاجعة حي المستقبل بفاس ومسؤولية الفوضى العمرانية

فاجعة حي المستقبل بفاس آراء فاجعة حي المستقبل بفاس

بقلم: نجيب الأضادي

تُعيد فاجعة انهيار بنايتين بحي المستقبل بالمسيرة فاس – التي خلّفت حسب معطيات رسمية مؤقتة 22 وفاة و20 مصاباً – فتح ملف الفوضى العمرانية والاختلالات التدبيرية التي عاشتها المدينة في فترات سابقة، حيث تكشف المعطيات الأولية أن مخالفة رخص البناء وإضافة طوابق بدون احترام ضوابط السلامة كانت سبباً مرجحاً في الانهيار.

القصة تعود إلى 2007 خلال مشروع إعادة هيكلة حي هامشي، حين مُنحت بقع أرضية برخص تسمح بطابقين فقط، لكن الواقع كشف لاحقاً عن توسع غير قانوني إلى أربعة طوابق، في غياب الرقابة الصارمة وضعف تتبع الأشغال، ما فتح الباب أمام عقود من البناء العشوائي والتغاضي الإداري الذي سمح بتحويل أحياء إلى قنابل إسمنتية معلّقة فوق رؤوس المواطنين.

هذه الفاجعة ليست حادثاً معزولاً، بل مرآة لتراكم أخطاء تدبيرية وسياسات عمرانية مرتجلة لم تُعط الأولوية لسلامة السكان ولا لاحترام المعايير التقنية. فلو كانت أجهزة المراقبة أكثر يقظة، ولو تم تفعيل المساءلة منذ أول مخالفة، لما وجدنا اليوم أسرًا تحت الأنقاض.

إن ما حدث بفاس يفرض محاسبة حقيقية لا شكلية لكل من تورط في التغاضي أو التراخي أو تسليم رخص خارج الضوابط، ويُلزم السلطات الحالية بفتح تحقيق شامل لا يستثني أحداً، وإعادة هيكلة منظومة التعمير بقوانين صارمة، لأن الأرواح لا تُعوّض، والمدينة تستحق تخطيطاً حضرياً يحمي المواطن قبل الإسمنت.

  • مدون وكاتب مغربي

التعاليق (0)

اترك تعليقاً