بفضل التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها ربوع المملكة، سجلت الموارد المائية المعبأة في السدود المغربية انتعاشة ملموسة، لتبث نوعاً من الطمأنينة في نفوس المغاربة وتدعم الأمن المائي الوطني في ظل توالي سنوات الجفاف.
عودة الروح إلى الأحواض المائية
استقبلت السدود المغربية خلال الأيام الماضية كميات هامة من الواردات المائية بفضل الغيث النافع، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في حقينتها الإجمالية. ووفقاً لآخر المعطيات الرسمية المحينة بتاريخ 17 دجنبر 2025، فقد قفزت نسبة ملء السدود على المستوى الوطني إلى 32.2%، ليرتفع بذلك إجمالي المخزون المائي المتوفر حالياً إلى حوالي 5400 مليون متر مكعب. هذا الارتفاع ليس مجرد أرقام، بل هو شريان حياة يغذي الآمال في موسم فلاحي واعد ويؤمن حاجيات التزويد بالماء الشروب.
قراءة في خارطة الوفرة: أحواض في الصدارة وأخرى تتعافى
تظهر المعطيات الميدانية تفاوتاً إيجابياً بين الأحواض المائية، حيث يتصدر حوض أبي رقراق المشهد بنسبة ملء ناهزت 69% وبمخزون يتجاوز 747 مليون متر مكعب، مدفوعاً بالأداء المتميز لسد سيدي محمد بن عبد الله. وفي الشمال، يواصل حوض اللوكوس الحفاظ على توازنه بنسبة ملء تصل إلى 46.9%، حيث بلغت بعض سدوده، كسد “النخلة”، طاقتها الاستيعابية القصوى (100%).
أما حوض كير-زيز-غريس بالجنوب الشرقي، فقد حقق قفزة نوعية بنسبة ملء بلغت 55.1%، مما يعكس قوة التساقطات الأخيرة في تلك المناطق. وفي المقابل، تظهر أحواض سبو (40.6%) وتنسيفت (46.7%) استقراراً مهماً بفضل واردات سدود كبرى مثل سد “الوحدة” الذي يختزن وحده أكثر من 1480 مليون متر مكعب، وسد “مولاي عبد الرحمن”. ورغم أن أحواضاً أخرى مثل سوس ماسة (19.6%) ودرعة واد نون (28.3%) لا تزال تسجل نسباً متوسطة، إلا أن المنحى العام يبقى تصاعدياً ومبشراً مقارنة بالفترات السابقة.
وضعية السدود بالمغرب بالأرقام بالصور:









تدبير الوفرة بعقلية الندرة
إن وصول المخزون المائي إلى عتبة 5400 مليون متر مكعب يعد مكسباً استراتيجياً في هذه الظرفية، لكنه يضعنا في الوقت نفسه أمام مسؤولية جماعية لمواصلة نهج “اليقظة المائية”. فالتحسن الملحوظ في حقينة السدود يجب أن يشكل حافزاً لتعزيز الاستهلاك العقلاني وتثمين كل قطرة ماء، تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى اعتبار الماء شأناً مشتركاً يتطلب تظافر جهود الجميع، من قطاعات حكومية ومواطنين، لضمان استدامة هذه المادة الحيوية للأجيال القادمة.
المصدر: الما دينا

التعاليق (0)