قطر تمطر… والمغرب يجلد نفسه

توقف مباراة السعودية والإمارات بملاعب قطر بسبب الأمطار رياضة توقف مباراة السعودية والإمارات بملاعب قطر بسبب الأمطار

توقفت مباراة السعودية والإمارات في قطر ضمن مباريات الترتيبلكأس العرب 2025، بسبب غزارة الأمطار التي حولت أرضية الملعب إلى بركة ماء. حدث طبيعي في ظرف مناخي استثنائي، لا أكثر ولا أقل، رغم أن الملاعب هناك تُبنى بالمليارات وتتوافق مع أحدث المعايير العالمية.

وعلى الرغم من أن الملعب سبق أن استضاف مباريات كأس العالم 2022، ولم يمتلك أنظمة حديثة لتصريف المياه كما في ملاعب الجيل الخامس، لم يصدر أي انتقاد في القنوات القطرية أو وسائل التواصل، لأن الأمر يعتبر طبيعيًا في ظل الظروف المناخية الاستثنائية.

حالة الملعب

لكن لو وقع نفس المشهد في طنجة أو أكادير، لكانت ردة الفعل مختلفة تمامًا. فور سقوط أول قطرة، ستنهال العناوين والصيحات: “فضيحة كروية”، “عار للمغرب”، “دولة غير قادرة على حماية ملاعبها”، “ملاعب كارتونية”، وغيرها من الانتقادات اللاذعة. نفس المطر، نفس الكرة، نفس المستطيل الأخضر، لكن ميزان الأحكام يتغير كليًا.

الفرق الأساسي هنا ليس في المطر أو في جودة الملاعب، بل في طريقة التفكير التي ترى الخارج مثالياً، والداخل دائماً مدعاة للاحتقار. في قطر، يُنظر إلى العطل على أنه ظرف مناخي استثنائي، وهناك يُبحث عن حلول واقعية وتعاطف مع الظروف الطبيعية. في المغرب، غالبًا ما يُستغل الحدث للتشهير وافتعال الفضائح، حتى ولو كانت الأسباب طبيعية وطارئة.

هذه العقلية ليست جديدة، بل جزء من ثقافة جلد الذات التي استقرت في بعض أوساطنا. العقلية التي لا تعرف سوى تضخيم الأخطاء، وتجاهل الإنجازات، وتقديم النقد كمسرح دائم للفضائح، بدل أن يكون وسيلة للتعلم والتحسين. العشب هنا ليس العائق، ولا المطر هو العدو، بل التفكير الذي يرى كل إخفاق ككارثة، وكل نجاح كاستثناء يجب أن يُنكر.

الحقيقة المؤلمة أن العطب ليس في البنية التحتية، ولا في الملاعب التي بُنيت وفق معايير حديثة، بل في ذهنية ترى نفسها دائماً أقل، ولو كانت السماء تمطر ذهباً. هذه الذهنية تجعلنا نخسر قبل أن تبدأ المباراة، وتجعلنا نستسلم أمام أول تحدٍ طبيعي.

من هذا المنطلق، علينا أن نعيد النظر في طريقة تعاملنا مع الأحداث الطارئة، وأن نميز بين العيوب الحقيقية والظروف الطبيعية. علينا أن نتعلم من الخارج دون تقليده أعمى، وأن نمارس النقد البنّاء بدل جلد الذات.

فكفى صيداً للأخطاء من الغيوم، وكفى افتعالاً للفضائح من قطرات المطر. فالمستقبل الرياضي للمغرب لن يُبنى على جلد الذات، بل على عقلية قادرة على التقييم الواقعي، والاحتفاء بالإنجاز، وتحويل كل ظرف طبيعي إلى فرصة للتطور والتحسين.

التعاليق (1)

اترك تعليقاً

    تعليقات الزوار تعبّر عن آرائهم الشخصية، ولا تمثّل بالضرورة مواقف أو آراء موقع أنا الخبر.
  1. زائر -

    اخي في قطر كل شيء تمام والرخاء هو أساس حياتهم ليس هناك فساد اما عندنا وردت فعلنا لاننا غارقين في الفساد حتى اننا هدا الفساد لا قدر الله سيكون سبب هلاك هده المملكة الطيبة بلاد دير علاش ترجع لا حسيب ولا رقيب مغرب السرعتين