الركراكي يغيّر ملامح التشكيلة أمام مالي.. اختبار مبكر لواقعية “أسود الأطلس” في كأس إفريقيا

وليد الركراكي رياضة وليد الركراكي

يتجه الناخب الوطني وليد الركراكي إلى إحداث تغييرات محسوبة على مستوى التشكيلة الأساسية التي ستخوض مواجهة المنتخب المالي، مساء الجمعة، على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، لحساب الجولة الثانية من دور المجموعات لكأس أمم إفريقيا. تغييرات لا تبدو اضطرارية فقط، بل تحمل في طياتها قراءة تقنية وسياقية للمرحلة التي يعيشها “أسود الأطلس” في هذه البطولة.

غياب القائد رومان سايس بسبب الإصابة فرض على الركراكي إعادة ترتيب خط الدفاع، حيث سيعتمد على ثنائية جواد الياميق ونايف أكرد، في خيار يعكس بحث المدرب عن الانسجام والصلابة أكثر من المغامرة بتجارب جديدة في مباراة تحمل رهانات كبيرة. في المقابل، يلفت قرار الإبقاء على أشرف حكيمي في دكة البدلاء الانتباه، ليس لثقل اسم اللاعب فقط، بل لأن الأمر يؤشر على رغبة الطاقم التقني في تدبير الجاهزية البدنية وتفادي المخاطرة بلاعب يشكل ورقة حاسمة في الأدوار المقبلة.

على المستوى الهجومي، من المنتظر أن يعود أيوب الكعبي إلى التشكيلة الأساسية، مستفيداً من خصائصه كمهاجم صريح داخل منطقة الجزاء، في حين سيبدأ سفيان رحيمي المباراة من دكة الاحتياط. هذا التغيير لا يبدو عقابياً بقدر ما هو مرتبط بنوع المباراة المنتظرة أمام منتخب مالي، الذي يعتمد على القوة البدنية والاندفاع، ما يتطلب مهاجماً قادراً على استغلال أنصاف الفرص. كما يظل عبد الصمد الزلزولي مرشحاً بارزاً للظهور أساسياً، لما يقدمه من حلول فردية وسرعة في كسر التكتلات الدفاعية.

بعيداً عن الأسماء، تكتسي هذه المواجهة أهمية خاصة في مسار المنتخب المغربي داخل البطولة. الفوز على مالي يعني التأهل المبكر إلى الدور الثاني، وهو سيناريو يمنح وليد الركراكي هامشاً زمنياً مهماً لإعادة شحن الطاقات وتصحيح بعض التفاصيل قبل دخول مرحلة الإقصائيات، حيث يرتفع منسوب الضغط وتصبح الأخطاء مكلفة. كما أن حسم التأهل مبكراً يسمح بتدوير محدود في المباراة الثالثة، وتفادي الإرهاق أو الإصابات غير الضرورية.

ماذا تعكس تعكس اختيارات الركراكي

من زاوية أوسع، تعكس اختيارات الركراكي في هذه المباراة فلسفة واضحة في التعامل مع المنافسة القارية: الواقعية أولاً، ثم قراءة كل مباراة بمعزل عن سابقتها. فالمدرب الوطني يدرك أن كأس أمم إفريقيا لا تُحسم بالأسماء فقط، بل بحسن تدبير التفاصيل الصغيرة، سواء تعلق الأمر باختيارات التشكيلة، أو بإدارة الإيقاع، أو حتى بالجاهزية الذهنية للاعبين.

وفي هذا السياق، تندرج أيضاً مراجعة بعض القرارات المرتبطة بضربات الجزاء، وهي نقطة أظهرت في المباراة الماضية أن المنتخب مطالب بمزيد من الحسم والتركيز في اللحظات الفارقة. الركراكي يدرك أن مثل هذه التفاصيل قد تصنع الفارق في الأدوار المتقدمة، لذلك فإن العمل على تصحيحها مبكراً يندرج ضمن التحضير الهادئ لما هو أصعب.

المباراة أمام مالي، إذن، ليست مجرد ثلاث نقاط محتملة، بل اختبار حقيقي لقدرة المنتخب المغربي على فرض شخصيته، وتأكيد نضجه التكتيكي، وتوجيه رسالة واضحة مفادها أن “أسود الأطلس” دخلوا البطولة بعقلية المنافس على اللقب، لا بعقلية العبور المؤقت.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً