لماذا نُخطئ في قراءة اختيارات الركراكي؟ الذاكرة القصيرة تُربك التحليل

وليد الركراكي رياضة وليد الركراكي

مشكلتنا في النقاش الكروي بالمغرب ليست في حب المنتخب أو الغيرة عليه أو في اختيارات الركراكي، بل في شيء أبسط وأخطر: ذاكرتنا القصيرة. بعد كل مباراة، يتحول النقاش إلى رد فعل عاطفي سريع، تُصاغ فيه الأحكام بناءً على نتيجة أو لقطة، لا على قراءة تقنية متأنية لمسار كامل وسياق واضح.

إذا أردنا فعلاً أن نفهم ما يحدث داخل المنتخب الوطني، فعلينا أن نهدأ قليلاً، ونناقش الأمور بالتدرج والعقل، لا بالانفعال.

أولاً: لا تدخل تقنياً… وتصحيح صورة مغلوطة

من الضروري توضيح نقطة أساسية كثيراً ما يُساء فهمها أو يتم الترويج لعكسها: في كل الاجتماعات الروتينية بين فوزي لقجع ووليد الركراكي، لم يحدث أي تدخل في الشأن التقني، ما يُروّج محلياً وعربياً عن “فرض اختيارات” أو “إملاء أفكار” هو كلام غير صحيح.

حديث رئيس الجامعة يدور دائماً حول الإطار العام، الأهداف، وظروف العمل، بينما القرارات التقنية ظلت وستظل بيد المدرب وطاقمه.

تصحيح هذه الصورة ليس ترفاً، لأن أي تشويش في هذا الجانب يضرب مصداقية المشروع ككل، ويُحوّل النقاش من كرة قدم إلى صراع وهمي.

ثانياً: التدريب ليس تصويتاً على فيسبوك

أي مدرب يبدأ في استلهام أفكاره من تعليقات مواقع التواصل، أو من ردود الفعل الانفعالية، الأفضل له أن يغادر عالم التدريب من الأساس.

التدريب ليس تصويتاً شعبياً، ولا محاولة لإرضاء الجمهور، بل عمل مبني على قناعة، تخطيط، وتراكم.

في حالة وليد الركراكي، هذا الأمر واضح:

الرجل مؤمن بأفكاره، يطورها تدريجياً، يحسنها دون ضغط خارجي، ودون أن يغير قناعاته بعد كل مباراة.
وقد أثبت، مرة بعد أخرى، أنه يطبق ما يراه هو صحيحاً، لا ما يُطلب منه.

ثالثاً: أمرابط… الغياب المبرمج لا يعني فقدان القناعة

نقطة غالباً ما يتم تجاهلها:
سفيان أمرابط وصل إلى المعسكر غير جاهز بنسبة 100%. غاب عن بعض الحصص للراحة، وغيابه عن لقاء زامبيا كان مبرمجاً ضمن إدارة المجهود (Load Management)، لا قراراً تقنياً بسبب تراجع مستوى أو اهتزاز ثقة.

وهنا نصل إلى السؤال الأكثر تداولاً:
هل تحسن أداء المنتخب مرتبط فعلاً بلعب العيناوي مكان أمرابط كـ(6)؟

رابعاً: الذاكرة القصيرة مرة أخرى

للأسف، هنا تظهر الذاكرة القصيرة بوضوح.
نايل العيناوي لعب سابقاً كارتكاز وحيد في مباريات أخرى، وكان الأداء مشابهاً لما يقدمه المنتخب بوجود أمرابط.
أشهر مثال: مقابلة البحرين.

إذن المسألة ليست ببساطة “لاعب مكان لاعب”، بل سياق كامل.
رأينا مباريات غاب فيها أمرابط ولم نشعر باختلاف كبير، وأحياناً العكس تماماً: شعرنا بقيمته أكثر في غيابه.
لكن في تلك اللحظات، لم يكن النقاش بنفس الحدة.

خامساً: الإشكال الحقيقي ضد الفرق الصغيرة

سبق الحديث عن اختلاف بروفايل أمرابط والعيناوي، وعن مميزات كل لاعب وحدود استخدامه، منفرداً أو مع الآخر.
لكن الإشكالية الحقيقية تظهر أمام الفرق الصغيرة.

الركراكي لا يبني تصعيد لعبه على لاعب الارتكاز، ما يعني أن لاعب الوسط (8) مطالب بأدوار حاسمة في التنشيط الهجومي، خصوصاً مع الأظهرة والأجنحة.
لعب العيناوي كـ(8) إلى جانب أوناحي، خاصة ضد الفرق المتكتلة، لا يمنح حلولاً هجومية كافية.

هنا بالضبط يجب أن يكون النقاش الحقيقي:
ليس “من الأفضل؟”، بل ما هو التوازن المطلوب؟ وماذا نريد من كل مركز في كل مباراة؟

وكخاتمة البروفايل، السياق، وما يريده المدرب من كل مركز في كل لقاء… هذه هي الأسئلة الصحيحة.

سنحتاج أحياناً للعيناوي وحده، وأحياناً لأمرابط وحده، وأحياناً لكليهما معاً.

لكن من الغباء التحليلي اختزال تحسن أداء فريق كامل في لاعب واحد فقط، خصوصاً وأن التاريخ القريب أثبت أن هذا الأداء قُدّم معه وبدونه.

لكل مباراة ظروفها، وتوجهها، وسياقها الخاص. وأي مقارنة سطحية بين المقابلات، دون فهم هذا السياق، لا تنتج تحليلاً… بل تُنتج ضجيجاً.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً