لم يكن ما جرى، مساء أمس الخميس 25 دجنبر الجاري، مجرد إجراء روتيني داخل ميناء طنجة المتوسط بالمغرب، بل لحظة حاسمة أوقفت واحدة من أكبر محاولات تهريب المخدرات خلال الفترة الأخيرة. شاحنة للنقل الدولي للبضائع كانت تستعد لمغادرة التراب الوطني في اتجاه أحد الموانئ الأوروبية، قبل أن تكشف عملية تفتيش دقيقة عن شحنة ضخمة من مخدر الشيرا، مخبأة بعناية وبأسلوب يوحي بمدى تطور أساليب التهريب.
العملية المشتركة بين مصالح الأمن الوطني والجمارك أسفرت عن حجز ما مجموعه 8 أطنان و196 كيلوغرامًا من صفائح مخدر الشيرا، كانت معبأة داخل قضبان بلاستيكية صُممت خصيصًا لإخفاء هذه الكمية الكبيرة، في محاولة للتمويه واستغلال الطابع التجاري العادي للشحنة.
اختيار هذا الأسلوب يعكس مرة أخرى رهان شبكات التهريب على المرور عبر القنوات النظامية للنقل الدولي، على اعتبار أن كثافة الحركة التجارية قد تشكل فرصة لتجاوز المراقبة.
غير أن ميناء طنجة المتوسط، بحجمه الاستراتيجي وحركيته اليومية الكبيرة، لم يعد مجرد معبر تجاري فحسب، بل تحول إلى نقطة مراقبة متقدمة بفضل التنسيق المحكم بين مختلف المصالح الأمنية، واعتماد تقنيات تفتيش دقيقة تجعل من الصعب تمرير شحنات غير مشروعة، مهما بلغ مستوى الإخفاء.
وفي إطار تعميق البحث، جرى إخضاع سائق الشاحنة، وهو مواطن مغربي يبلغ من العمر 50 سنة، لإجراءات البحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة. هذا المسار لا يقتصر على تحديد المسؤولية الفردية، بل يهدف بالأساس إلى كشف جميع ملابسات القضية، ورصد الامتدادات المحتملة لهذا النشاط الإجرامي، سواء داخل المغرب أو خارجه، في ظل الاشتباه بوجود شبكات منظمة عابرة للحدود.
وتأتي هذه العملية لتؤكد أن معركة التصدي للتهريب الدولي للمخدرات لا تُقاس فقط بحجم المحجوزات، بل بقدرة الأجهزة الأمنية على استباق المخاطر، وضرب الشبكات في لحظات حساسة قبل وصول الشحنات إلى وجهتها النهائية. كما تحمل رسالة واضحة مفادها أن المعابر الحدودية المغربية، رغم حجمها ونشاطها المكثف، ليست فضاءً مفتوحًا أمام شبكات الجريمة المنظمة.
في النهاية، لا تتعلق مثل هذه العمليات فقط بإحباط تهريب كميات من المخدرات، بل بحماية مسارات التجارة المشروعة، وتعزيز الأمن الاقتصادي، والحفاظ على صورة المغرب كشريك موثوق في محيطه الإقليمي والدولي، في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بالجريمة العابرة للحدود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)