أفرجت المديرية العامة ل “الضرائب” عن النسخة المحينة للمدونة العامة للضرائب لعام 2026، وهي الوثيقة التي تدمج التعديلات الجوهرية لقانون المالية رقم 50.25. هذا التحديث، يأتي ليعيد ترتيب الأولويات الاقتصادية بما يتماشى مع الرؤية الملكية لتحديث بيئة الاستثمار.
تشريح المدونة: أين تجد مصلحتك؟
إذا قرأت المدونة كجرد للنصوص، فقد فاتك الكثير. التحليل المنطقي لهذه النسخة يكشف عن “استراتيجية التوازن الصعب” التي تنهجها الدولة:
1. سياسة “المسكنات” الذكية: خفض الضرائب على الهواتف الذكية أو استيراد اللحوم ليس مجرد “كرم”، بل هو محاولة لامتصاص غضب الطبقة الوسطى وتخفيف حدة التضخم في قطاعات استهلاكية يومية. الدولة هنا تضحي بجزء من المداخيل الجمركية مقابل الحفاظ على “السلم الاجتماعي” في الأسواق.
2. التحول نحو “الضريبة الاستباقية”: من خلال توسيع “الحجز من المنبع” وتدقيق واجبات التسجيل، تنتقل الإدارة الضريبية من وضعية “الانتظار” (حتى يصرح الملزم) إلى وضعية “التحصيل الفوري”. هذا يعني أن الدولة تريد “سيولة سريعة” لتمويل مشاريع المونديال وأوراش الحماية الاجتماعية دون انتظار نهاية السنة المحاسبية.
3. الضريبة كأداة توجيهية: عندما نرى إعفاءات للشركات الرياضية وتخفيضات لمدربي ومحترفي الرياضة، نفهم أن المدونة لم تعد وسيلة لجمع المال فقط، بل هي أداة لتأطير القطاع الرياضي وجعله قطاعاً مهيكلاً ومنتجاً، استعداداً للاستحقاقات القادمة (2030).
4. العدالة التضامنية أم عبء إضافي؟ تمديد مساهمة التضامن لثلاث سنوات إضافية يؤكد أن “الاستثناء أصبح قاعدة”. الدولة تعترف ضمناً بأن ميزانيتها العادية لا تكفي لتمويل “الدولة الاجتماعية“، وبالتالي تطلب من الشركات الكبرى والدخول المرتفعة الاستمرار في دفع فاتورة التماسك الاجتماعي لفترة أطول.
مدونة 2026 هي مرآة لطموحات المغرب؛ فهي تحاول أن تكون “مغرية” للمستثمرين عبر تبسيط المساطر، و”حازمة” مع التهرب الضريبي عبر الرقمنة، و”حنونة” (بقدر محدود) على القدرة الشرائية عبر إعفاءات منتقاة بعناية.

التعاليق (0)