انطلق العرس الأفريقي في المغرب، منذ أيام، اجتمعت 24 دولة أفريقية تحت سماء المملكة. في شوارع الرباط، الدار البيضاء، وطنجة، تشاهد تلاقح الثقافات؛ السنغالي يرقص، النيجيري يحتفل، والمصري يساند.. الجميع منخرط في إيقاع “الكان” إلا جاراً واحداً يبدو أنه اختار أن يعيش البطولة في “غرفة العمليات” لا في الملاعب.
ظاهرة “التذكرة والجمهور”: مفارقة غريبة
بين 24 دولة مشاركة، نجد أن كل الجماهير الأفريقية تدبرت أمور تنقلها وإقامتها بسلاسة، إلا في حالة واحدة تثير الاستغراب؛ مواطنون يتجمهرون للاحتجاج على غياب التذاكر أو غلائها.
هنا تبرز علامة استفهام كبرى: هل المشكلة في “التنظيم المغربي” الذي يشيد به الكاف والعالم؟ أم في “هيكلة الرحلات” والوعود التي قُدمت لتلك الجماهير؟ أن تكون أنت الوحيد الذي يشتكي وسط 23 ضيفاً آخر، فهذا يعني أن الخلل ليس في “الفندق” بل في “خارطة الطريق” التي أتيت بها.
سيكولوجية “المؤامرة” في دور الـ16
تأهل 16 منتخباً إلى ثمن النهائي، وهو الدور الذي تبدأ فيه المواجهات الكبرى والصدامات الحقيقية. وبينما تنشغل الأطقم التقنية للمنتخبات بتحليل الخصوم وتطوير الخطط، يبرز إعلام دولة واحدة فقط بأسطوانة مشروخة تتحدث عن “المؤامرة”.
التحليل المنطقي هنا يضعنا أمام مفارقتين:
- قرعة الميدان: كيف للمغرب (المنظم) أن يتحكم في مسارات المنتخبات في دور الثمن، وهي مسارات تحددها نتائج المجموعات والترتيب؟ هل من المنطقي اتهام المنظم بوضع منتخب ما أمام خصم “قوي”، وكأن كرة القدم في أدوارها النهائية يجب أن تكون “نزهة”؟
- عقدة الضحية: الهروب إلى الأمام باتهام المغرب بـ “الكولسة” قبل حتى أن تبدأ المباراة، هو في الحقيقة “اعتراف مبطن” بالضعف التقني. إنها محاولة لامتصاص غضب الشارع الرياضي هناك عبر صناعة عدو وهمي، بدل مواجهة الحقيقة الميدانية.
كلمة أخيرة: الميدان هو الفيصل
المغرب اليوم لا ينظم بطولة ليرد على “الترهات”؛ بل يقدم نموذجاً عالمياً في البنية التحتية واللوجستيك. بينما ينشغل الآخرون بالاحتجاج على ثمن تذكرة أو “بعبع” المؤامرة، يسير المغرب في طريق تحويل القارة الأفريقية إلى قطب كروي يضاهي أوروبا.
بين الـ 24 دولة، سيتذكر التاريخ من لعب كرة القدم بجمالية، ومن حاول إفساد متعة الكرة بـ “سياسة” لا تسمن ولا تغني من جوع.

التعاليق (0)