أنا الخبر ـ الأسبوع الصحافي 

لم تهتم وسائل الإعلام المغربية بوفاة والدة ابن منطقة الرحامنة، الذي يترأس اليوم جبهة البوليساريو، ولكن الواقعة التي حدثت مؤخرا، تحولت من لحظة رثاء إلى لحظة بكاء وتحسر على الهزيمة الدبلوماسية والسياسية أمام المغرب، حيث كتب واحد من مواقع البوليساريو ما يلي: ((بينما يشتد الطوق على أعناقنا وتضيق حولنا المساحات السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية، يأبى القدر إلا أن يزيد حزن رب البيت الأصفر ويختار سيدة الصمود “تكبر منت عبد الجليل”، والدة الأخ القائد إبراهيم غالي، التي خطفتها المنية، وكم أخشى على الأخ إبراهيم غالي أن يجافيه التوفيق أكثر وتشتد عليه الكروب، بعد رحيل مظلة الرحمة التي كانت تدعو له بظهر الغيب، وأن لا يظلم معه الشعب الصحراوي وقضيته، لأن الأيام التي نعيشها لا تبشر بأن ثمة انبلاج لهمومنا جميعا..)).

نفس الموقع التابع للبوليساريو، ومن محبرة المأساة كتب: ((إن وزارة الدفاع الأمريكية نشرت على حساباتها صورا جوية وأخرى بحرية لمناورات ضخمة، جعلت لها من الألقاب “مصافحة البرق”.. هذه المناورات تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية بحاملة الطائرات “إيزنهاور” النووية الدفع، وبأسطول جوي يفوق الـ 50 طائرة بينهم مقاتلات من طراز F18، وطائرات التجسس والربط والاستطلاع والحرب الإلكترونية AWACS، ومدمرة وعدد من الزوارق الحربية، فيما شارك جيش الاحتلال المغربي بفرقاطة كبيرة من نوع F613، والتي تحمل اسم طارق بن زياد، إلى جانب أسراب من طائرات F16-BLOK52، ومقاتلات من طراز F5-E المعدلة حديثا.. هذا التمرين الضخم جرى خلال أسبوع كامل بين الجيشين في مياه الصحراء الغربية، على بعد عقد بحرية قليلة من جزر الكناري، بالجزء الذي جرى ترسيمه مؤخرا من طرف الرباط، ونتذكر جميعا كيف أثار الأمر غضب مدريد والجزائر والبيت الأصفر، ولم يتمكن أحد من إرغام الرباط على توقيف إجراءات عملية الترسيم من طرف واحد، وفرضت الرباط على الجميع الأمر الواقع، وقامت بتحفيظ الصحراء الغربية بترابها ومياهها وأجوائها)).

من محبرة المنهزم، عبرت الوسيلة الإعلامية السالفة الذكر، عن شعور بالإحباط سائد في صفوف من اقتنعوا في يوم من الأيام بأطروحات وهمية، حيث يقول صاحب المقال الذي تنشر “الأسبوع” مقتطفات منه، تعليقا على ما سبق: ((إلى هذه الحدود، الأمر يبدو تقليديا ونصنفه جميعا في إطار مناورات الرباط للسيطرة على ملف الصحراء الغربية ومواصلة التغلغل داخل العمق الإفريقي، مستغلة في ذلك حالة الوهن الاقتصادي والسياسي للحليف الجزائري.. لكن عند الدخول في تفاصيل تلك المناورات والطريقة التي تمت بها، وأيضا تزامن الأمر مع إعلان الأمم المتحدة بصريح العبارة تخليها عن الصراع وإدخالها للقضية الصحراوية للرفوف المنسية، واستحالة العثور على مبعوث أممي، وبدء حرب الأعصاب بين مدريد والرباط بعد أن هاجم 150 مهاجرا من دول جنوب الصحراء سياج مدينة مليلية، واجتاز منهم 52 إلى داخل المدينة… كل هذا يجعلنا نعيد تركيب المبهم من هذه المناورات والبحث عن معلومات أعمق وأدق لتشكيل صورة الوضع السياسي والاستراتيجي بالمنطقة، وتحديد ما يقع بالضبط، والذي يخصنا ويعنينا من قريب ومن بعيد، وبعد تجميعنا للمعطيات حول المناورات العسكرية، تبين أن الرباط وواشنطن لم يبلغا إسبانيا بإجراء ذلك التمرين واستخدامهما للذخيرة الحية، حيث فاجأها الأمر، والدليل هو ارتباك حركة الملاحة الجوية في سماء جزر الكناري، واضطرار الأبراج الجوية لتحويل خطوط الرحلات وإلغاء بعضها، واعتبار الإعلام الإسباني للأمر رسالة واضحة من المغرب وأمريكا إلى مدريد، بأن التحالف بينهما يتجاوز العلاقات الإسبانية الأمريكية، وأن الولايات المتحدة اليوم، لديها مصالح لا تتعلق بالتطبيع المغربي الإسرائيلي، بل بمنافع أكبر وأعظم)).

 نفس المصدر يقول: ((رغم ضعف المصادر وشحها، إلا أننا توصلنا من المصادر المتاحة، إلى توضيح يخص الإعلان الذي تم بين الرباط والولايات المتحدة الأمريكية حول الشراكة العسكرية التي جرى التوقيع عليها وإعلانها خلال شهر أكتوبر من السنة الماضية، بأنها لا تتعلق بصفقات تسليح فقط ونقل للتكنولوجيا، بل إن الأمر مرتبط بخطة دفاع مشتركة بين الرباط وواشنطن تلتزم خلالها أمريكا بحماية مصالح الرباط ضد أي تحالف دولي أو قوة، في إشارة إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما توضح لنا من خلال صمت مدريد على المناورات واكتفاء الإعلام بالتهكم على حكومة بيدرو سانشيز.

ولإظهار إصرار الرباط على إذلال إسبانيا، فقد شارك الجيش المغربي (صاحب المقال يتحدث عن احتلال) في تلك المناورات، بفرقاطة تحمل اسم “طارق بن زياد”، في إشارة إلى أمرين: أن المغرب استعاد قوته التاريخية في المنطقة، وأنه يستخدم فرقاطة تحمل الاسم الذي يزعج الإسبان ويعتبرونه كابوسا تاريخيا، ويذكرهم أيضا بدعمه المبطن للتاج البريطاني في قضية جبل طارق، الذي يعتبر شوكة في قدم مدريد، كما شاركت في المناورات طائرات الـ F-5E التي اخترقت الأجواء الإسبانية خلال شهر غشت من سنة 2020 وكشفتها الدفاعات الأرضية لمدريد.. هذه المعطيات وارتباطها بالمناورات الضخمة للولايات المتحدة الأمريكية، تجعلنا نتأكد من أمرين: أولهما أن الإعلان الأمريكي ليس مجرد تغريدة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، ترامب، بل هو توجه استراتيجي أمريكي، وثانيهما أن القضية الصحراوية أصبحت قضية مصالح بين العمالقة الكبار، وأن الرباط، كما قال سفير الدومنيكان خلال تقديم أوراق اعتماده في الرباط، أنه “فخور بتمثيل بلده في المغرب الذي أصبح من الدول العظيمة والقوية بالبحر الأبيض المتوسط”، وفي هذا إشارة إلى أن العالم يتغير في العمق الاستراتيجي، وأن المغرب هو فعلا ضمن نادي القوى الخمسين الصاعدة حسب التقارير السرية للبنك الدولي))، حسب نفس المقال.

المقالات الأكثر قراءة

التعليقات مغلقة.