بقلم: حسن أمهاوش *

كلما اقترب موعد الاستحقاقات الانتخابية العامة في المغرب إلا وبرزت على السطح ظاهرة مسيئة للعمل السياسي والمتمثلة في الترحال السياسي كمشكلة أخلاقية تعاني منها المنظومة الحزبية في المغرب، هذه الظاهرة أصبحت شائعة ومتداولة ولا ترتبط بحزب دون آخر، حيث إن محترفي وتجار الانتخابات، بالنسبة لهم مناسبة يمكنهم من خلالها تحقيق مصالحهم الخاصة غير مكثرتين بالمصلحةالعامة. فالترحال السياسي كسلوك سياسي وان كان له ما يبرره احيانا الا انه ينعكس بشكل سلبي على مستقبل البناء الديمقراطي، ويجعل الحياة السياسية تعيش في فوضى، وتضرب عرض الحائط مبدأي الالتزام والوفاء الحزبي، وتجعل من السياسة ساحة تطغى عليها الزبونية والريع السياسي.

والغريب في الأمر أن عدد من البرلمانيين حسموا أمرهم قبل سنتين من الموعد الانتخابي لسنة 2021، حيث بدأوا بالاشتغال رفقة تلك الأحزاب التي سينتقلون إليها، حيث ظلت المنافسة شرسة بين حزب “الاستقلال” وحزب “التجمع الوطني للأحرار” في عمليات الاستقطاب. وقرر عدد من مستشاري “البام” و”الاتحاد الدستوري” و”الحركة الشعبية” في بعض الجماعات الترابية والجهات الترحال نحو “الاستقلال” و”الأحرار” ظنا منهم أن أحد هذين الحزبين سيشكل حكومة 2021.

حسن أمهاوش
حسن أمهاوش

ومن المعلوم، فإن المشرع الدستوري حاول من خلال الفصل 61 من دستور 2011 الحد من ظاهرة الترحال السياسي في البرلمان المغربي، حيث نص على أنه «يُجرَّد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشّح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها»، وتنزيلا لهذا المقتضى فقد عرفت الولاية البرلمانية الحالية 2016ـ 2021، تجريد 7 برلمانيين من صفتهم من قبل المحكمة الدستورية بسبب الترحال السياسي، مقابل تسجيل 111 حالة تجريد خلال الولاية البرلمانية التي سبقتها.وتصرح المحكمة الدستورية بعد إصدارها للحكم بشُغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضاً آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية.

إلا إن الاطار الدستوري والقانوني لم يكن كافيا للحد من هذه الظاهرة في ظل وجود ثغرات تعتري هذه النصوص، مما يجعلها ظاهرة ممتدة في الزمن توظف توظيف سيئا لكسب المقاعد والحصول على التزكيات.

إن ظاهرة الترحال السياسي ترسل رسائل سلبية إلى المواطن المغربي، مفادها أن ممارسة السياسة ليست ممارسة نبيلة، بل قائمة على الانتهازية واستغلال الفرص”. وتجعل من النضال السياسي في المغرب ينتقل من أجيال كانت تناضل من أجل المصلحة العامة إلى أجيال تناضل من أجل المصلحة الخاصة.

وعليه فانه رغم وجود ترسانة قانونية لمحاصرة ظاهرة الترحال السياسي، سواء على مستوى الوثيقة الدستورية او القوانين التنظيمية الترابية او القانون المنظم للأحزاب السياسية ، فإنها تبقى غير كافية لمحاصرة ظاهرة الترحال السياسي، طالما لا يوجد ميثاق أخلاقي ملزم للأحزاب السياسية للانخراط بشكل جدي في محاصرة هذا الفعل السياسي المُشين، بعيدا عن المنطق الانتخابي المُؤمن بالمقاعد على حساب الممارسة الديمقراطية السليمة.

* باحث في القانون العام

المقالات الأكثر قراءة

التعليقات مغلقة.