✒️ بقلم: مصطفى العلمي
في الأيام التي تلت القرار الأممي الأخير حول الصحراء المغربية، بدا واضحاً أن الجزائر دخلت أخطر مراحل الارتباك السياسي منذ سنوات.
حكومة اعتادت خطاب القوة وجدت نفسها أمام هزيمة دبلوماسية لا يمكن تجميلها، وانكشاف إقليمي لا ينفع معه الصراخ الإعلامي، وتململ داخلي يتعاظم يوماً بعد يوم.
بيان مجلس الوزراء الأخير، بوعوده الثقيلة وشعاراته اللامعة، لم يكن إعلان قوة… بل مؤشّر فاضح على قلق النظام.
محاولة لترقيع أزمة تتسع، وإقناع الداخل والخارج بأن الأمور تحت السيطرة، بينما الواقع يقول العكس تماماً.
فالقرار الأممي ثبّت خيار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وأسقط رواية “الاستفتاء”، موجّهاً ضربة موجعة للخطاب الجزائري.
والأسوأ: اعتراف دولي متزايد بدور المغرب في الاستقرار الإقليمي مقابل انكماش وزن الجزائر في أفريقيا والساحل، مع تدهور علاقاتها مع دول عربية وأفريقية كانت يوماً حليفة.
في الداخل، الصورة أكثر قتامة، قدرة شرائية منهارة، تضخم يلتهم مداخيل الناس، ومشاريع “عملاقة” تتكرر منذ نصف قرن دون أن ترى النور إلا في الأوراق والخطابات.
السلطة رفعت الأجور وزادت منحة البطالة… لكنها تعلم أن المشكلة ليست في الأرقام بل في اقتصاد منهك، إنتاج ينهار، واعتماد مرضي على الريع الذي صار هو نفسه يتقلّص.
حتى ملف بوعلام صلصال لم يكن خطوة “إنسانية” بل عملية إطفاء سياسي مستعجلة خوفاً من كرة ثلج تهدد الرواية الرسمية. ورسالة مبطنة لفرنسا بأن باب التفاهم ما زال مفتوحاً رغم القطيعة.
لكن الحقيقة الأشدّ مرارة: الخطر الحقيقي هو انهيار الثقة بين المواطن والدولة. شعب محاصر بين وعود لا تتحقق وواقع ينهار، وحكومة تراهن على الوقت بدل تغيير المسار.
قرار مجلس الأمن لم يضعف الجزائر خارجياً فقط… بل كشف هشاشتها الداخلية.
اليوم، لم يعد ممكناً التخفي خلف شماعة “المؤامرات”، االأزمة أزمة رؤية، أزمة نظام، أزمة ثقة.
المنطقة تتغير، المغرب يتقدم، العالم يعيد ترتيب أوراقه… والجزائر ما زالت تتشبث بماض انتهى.
فهل ما زال يمكن إنقاذ الجزائر قبل أن يصبح التغيير فرضاً لا خياراً ؟.
- محرر سابق في جريدة الحرة

التعاليق (0)