✍️ نجيب الأضادي
يُقبل المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، على مرحلة مفصلية في تاريخه الاستراتيجي، حيث تتقاطع التحولات الدولية الكبرى مع نضج المشروع التنموي الوطني، لتصنع لحظة مغربية بامتياز، لحظة تؤكد أن التحولات ليست قَدرا يُواجه، بل فرصة تُبنى وتُستثمر.
فالمشهد الدولي يعيش اليوم اضطرابا غير مسبوق:
– إعادة تشكيل موازين القوى بين الشرق والغرب.
– اهتزاز سلاسل التوريد.
– اشتداد المنافسة على إفريقيا.
– صعود الاقتصاد الأخضر كمنصة نفوذ جديدة.
– وتزايد أهمية الأمن الطاقي والغذائي والتكنولوجي في معادلات النفوذ.
وفي خضم هذا التحول العالمي، لم يقف المغرب موقف المتلقي، بل تقدم بخطى ثابتة ليصنع لنفسه موقعًا استراتيجيًا جديدًا، عنوانه: السيادة الذكية والتموقع الاستباقي.
■ تموقع مغربي بذكاء متعدد الجبهات
أصبح المغرب، بفضل الرؤية الملكية الاستراتيجية، فاعلا بنفس دولي يجمع بين القوة الهادئة والاستباق الدبلوماسي. فقد أدرك جلالة الملك مبكرا أن تعدد الأقطاب يفرض على الدول تبني شبكة واسعة من الشراكات لا الاقتصار على محور واحد، وهو ما يتجلى في:
- إفريقيا: العمق الاستراتيجي والرهان المستقبلي
بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، صارت المملكة قوة وازنة في ملفات الطاقة، الفلاحة، الأمن، والهجرة.
ومبادرة المغرب الأطلسي فتحت أفقًا جيو–اقتصاديًا جديدا للقارة، مانحة للدول الساحلية منفذا استراتيجيًا نحو الأسواق العالمية.
أما مشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب فهو أكبر جسر طاقي إفريقي–أوروبي، سيغيّر قواعد اللعبة الإقليمية ويمنح المغرب موقعا مركزيا في أمن الطاقة العالمي.
- أوروبا: شراكات ندّية وصعود الثقة المتبادلة
أصبحت العلاقات المغربية–الأوروبية اليوم أكثر اتساقًا مع الأجندة الوطنية للمملكة، وخصوصًا مع الدول المؤثرة في القرار الأوروبي.
الملفات الحاسمة مثل الاستثمار الصناعي، الطاقات المتجددة، الهيدروجين الأخضر، والهجرة القانونية، تشهد تقاربا استراتيجيا متزايدا.
كما أن المغرب يرسخ حضوره ضمن سلاسل الإنتاج الأوروبية في السيارات، الطيران، الطاقات النظيفة، والأمن السيبراني.
- الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية: توسيع مجال النفوذ
بات المغرب شريكا موثوقا في ملفات الدفاع ومكافحة الإرهاب والاستثمارات المتقدمة.
كما أن انفتاح الرباط على دول أميركا اللاتينية يعكس مقاربة نظر بعيد المدى، تخلق للمملكة موطئ قدم في فضاء سياسي–اقتصادي مؤثر.
■ رؤية ملكية تجعل من السيادة مشروعا تنمويا
لم تعد السيادة في المغرب شعارا سياسيا، بل تحولت إلى هندسة متكاملة، تتجلى في:
– سيادة طاقية عبر الطاقات المتجددة والغاز.
– سيادة غذائية بفضل التحول الفلاحي والري الذكي.
– سيادة صناعية بتصنيع السيارات، الطائرات، والصناعات الدفاعية.
– سيادة رقمية عبر الاستثمار في التقنيات الناشئة.
وهي مقاربة تترجم في كل مجال قرارًا ملكيا استراتيجيا يجعل من المغرب دولة تبني قوتها خطوة بخطوة، بعمق وتدرج واستباق.
■ المغرب الرياضي.. بُعد جديد للقوة الناعمة
التحول الرياضي ليس تفصيلا ثانويا، بل جزء من هوية القوة المغربية الصاعدة.
البنية التحتية التي تُنجز لاستضافة كان 2025 ومونديال 2030 ليست مجرد إعداد لحدث رياضي، بل تأسيس لصناعة اقتصادية–سياحية–اجتماعية ترفع صورة المغرب عالميًا وتزيد من جاذبية الاستثمار.
■ نحو موقع متقدم في النظام الدولي الجديد
بفضل هذا الزخم الاستراتيجي، يتقدم المغرب اليوم ليصبح:
– شريكا موثوقا في أمن الطاقة europea والإفريقي.
– محورا صناعيًا في غرب المتوسط.
– قوة استقرار إقليمي.
– وفاعلًا دبلوماسيا يتمتع بقدرة متزايدة على التأثير في محيطه.
إن المغرب الصاعد ليس مجرد شعار إعلامي، بل هو خلاصة رؤية ملكية واعية بتحولات الزمن الدولي، ومشروع وطني يدمج الذكاء الاستراتيجي بالتنمية الواقعية.
ففي عالم مضطرب، اختار المغرب طريقه: طريق السيادة، والاستباق، والتموقع الذكي. وهو في كل ذلك يتقدم بثقة تحت قيادة جلالة الملك، ليصنع لنفسه مكانة تليق بتاريخه وطموح شعبه، ويقدم للعالم نموذجًا لدولة تعرف ماذا تريد، وكيف تصل إليه، وبأي سرعة وبأي أدوات.
المغرب لا ينتظر مكانًا في المستقبل.. بل يصنعه.
- كاتب ومدون مغربي

التعاليق (0)