تقرير سري يضع صادرات المغرب في عين إعصار جديد في التفاصيل، دق خبراء اقتصاديون ناقوس الخطر بشأن التداعيات المحتملة للحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على حركة التجارة العالمية، مؤكدين في دراسة حديثة صادرة عن مجموعة “أليانز تريد” أن المغرب، رغم كونه بمنأى نسبي عن التأثيرات المباشرة، قد يجد نفسه في مواجهة تحديات غير مباشرة عبر أوروبا، شريكه الاقتصادي الرئيسي.
وتتوقع الدراسة انخفاضاً ملموساً في مكاسب الصادرات المغربية لتستقر عند حدود 2.8 مليار دولار فقط في عام 2025، مقارنة بتقديرات بلغت 5 مليارات دولار في عام 2024.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد بالدار البيضاء في السادس والعشرين من مايو الجاري، أوضح السيد لويس دالماو تاوليس، الخبير الاقتصادي لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط لدى “أليانز تريد”، أن حالة عدم اليقين المتواصلة جراء السياسة التجارية الأمريكية تزعزع استقرار التجارة العالمية وتُربك استراتيجيات الشركات.
وأشار إلى أن التأثير المباشر لهذه الحرب التجارية على المملكة يُعتبر محدوداً نظراً لضعف تعرض الصادرات المغربية المباشر للسوق الأمريكية، حيث تتركز الصادرات إلى الولايات المتحدة أساساً في الأسمدة (المستثناة من زيادة الرسوم)، والآلات الكهربائية، والمركبات، والمواد الخام، مما يعني أن نحو 110 ملايين دولار فقط من الصادرات المغربية هي المعنية بالرسوم الجمركية الأمريكية.
إلا أن الخبير أكد أن تأثر السوق المغربية سيكون بشكل غير مباشر عبر القارة الأوروبية، الشريك والزبون الرئيسي للاقتصاد الوطني، حيث تؤدي الحرب التجارية وحالة عدم اليقين العامة إلى الإضرار بالثقة ومعدلات النمو في أوروبا، الأمر الذي قد يتسبب في انخفاض الطلب على المنتجات المغربية.
ورغم هذه التوقعات الحذرة، تُشير تقديرات “أليانز تريد” إلى أن الأسواق الرئيسية التي يمكن أن تُحقق فيها الشركات المغربية مكاسب في عام 2025 تشمل إسبانيا (بزيادة متوقعة قدرها 257 مليون دولار) وفرنسا (+172 مليون دولار)، إلى جانب وجهات أخرى واعدة كالبرازيل والهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا.
وعلى صعيد القطاعات، يبرز قطاع “خدمات المستهلكين والمقاولات” كرافد محتمل للتصدير بقيمة 1.26 مليار دولار، يليه قطاع الصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية والبرمجيات والخدمات المعلوماتية والإلكترونيات والنسيج.
ومع ذلك، يُظهر الاقتصاد المغربي مرونة لافتة، حيث تتوقع “أليانز تريد” أن يصل نموه إلى 3.5% في عام 2025 و3.6% في عام 2026، مدفوعاً بالتقدم في قطاعي الصناعة التحويلية والخدمات، وانتعاش القطاع الفلاحي، واستمرار الأداء القوي لقطاع السياحة.
ويرى التقرير أن المملكة يمكن أن تستفيد من استراتيجيات التكيف التي تتبعها الشركات الدولية، كجهود إعادة توطين الشركات الأوروبية لتقليل المخاطر المرتبطة بالصين والولايات المتحدة، مما قد يجعله مركزاً رئيسياً لإعادة التوطين للوصول إلى السوق الأوروبية، مع إمكانية استفادة قطاع السيارات بشكل خاص من هذا التوجه.
وفي سياق إعادة رسم خريطة التجارة العالمية، يمكن للموانئ المغربية أن ترسخ مكانتها كمراكز تجارية عالمية، حيث تحتل المملكة المرتبة العشرين بين الدول الناشئة المرشحة لتصبح مراكز تجارية من الجيل الجديد، متميزة بإمكاناتها التجارية وارتباطاتها الدولية وفعاليتها اللوجستية.
التعاليق (0)