أكدت التطورات الأخيرة في منتدى الشراكة الروسية الإفريقية بالقاهرة أن روسيا بدأت تتبنى لغة أكثر وضوحاً في احترام سيادة الدول، حيث وجهت موسكو رسالة سياسية حازمة بانتصارها للشرعية الدولية وتكريس الواقعية التي ينهجها المغرب في ملف الصحراء المغربية، عبر إغلاق الباب نهائياً أمام محاولات إقحام الكيانات الوهمية.
ولم يكن ما شهده هذا المحفل الوزاري مجرد تفصيل بروتوكولي عابر أو هفوة تنظيمية، بل نحن أمام قرار سيادي روسي ثقيل الوزن، كُتبت فصوله بمداد السيادة والالتزام بالمنطق الدولي الذي لا يعترف إلا بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
موقف روسيا الذي تجلى بوضوح في محطات سوتشي وسان بطرسبورغ، وتأكد اليوم في قلب القاهرة، يعكس قناعة لدى القوى الكبرى بأن زمن الترضيات على حساب القضايا العادلة قد ولى.
فرغم محاولات الضغط المستمرة والابتزاز السياسي الذي مارسته الجزائر لإقحام جبهة البوليساريو في هذا المحفل الاستراتيجي، جاء الرد الروسي حازماً بأن المنتدى للدول وليس للميليشيات السياسية. وهو ما يثبت أن موسكو باتت تدرك جيداً قيمة الشراكة مع المغرب كقوة إقليمية موثوقة، بعيداً عن أوهام الكيانات التي تقتات على الصراعات المفتعلة.
وفي مقابل هذا الحزم الروسي، ظهر المغرب في القاهرة بصورة الدولة الواثقة والمسؤولة، حيث شاركت المملكة بهدوء وثقة دون الحاجة إلى صخب أو مسرحيات دبلوماسية، انطلاقاً من إيمان راسخ بأن عدالة القضية الوطنية تفرض نفسها بالنتائج لا بالضجيج. هذا الحضور المغربي الوازن، قابله انحسار لافت وتخبط واضح للدبلوماسية الجزائرية، التي وجدت نفسها في زاوية حرجة، عاجزة عن فرض أجندتها المتجاوزة، ومصطدمة بجدار الواقعية الذي تشيده القوى الدولية الكبرى التي سئمت من سياسة الابتزاز.
إن النتيجة التي يمكن استخلاصها من هذه المحطة تتجاوز مجرد الإقصاء، لتؤكد تآكل الأطروحة الانفصالية في المحافل الدولية الكبرى. فالدولة التي لا تعترف بها الأمم المتحدة، لا تجد لها كرسياً في صياغة مستقبل الشراكات الدولية العالمية. لقد وصلت الرسالة من القاهرة إلى العالم أجمع: إن المستقبل يُبنى مع الدول الحقيقية التي تمتلك رؤية وتاريخاً وسيادة، أما الميليشيات والمشاريع الوهمية، فقد أصبحت خارج اللعبة وخارج التاريخ، في انتصار هادئ وراكز للدبلوماسية المغربية تحت قيادة الملك محمد السادس.

التعاليق (0)