استغل زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، إبراهيم غالي، مناسبة عيد الأضحى المبارك لتمرير رسالة سياسية مبطّنة، خلال تهنئته للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. فبدلاً من الاكتفاء بالمعايدة التقليدية، دعا غالي في رسالته إلى “تعزيز التعاون والتشاور والتنسيق” بين الجبهة الانفصالية وموريتانيا، بزعم مواجهة “المخاطر والتحديات” التي تمر بها المنطقة، بما يخدم -حسب قوله- “السلم والأمن والاستقرار وحسن الجوار”.
وفي رسالته التي حاول تسييسها بشكل واضح، تحدث غالي عن ما أسماه “أخوة عميقة” و”مصير مشترك” بين “البوليساريو” وموريتانيا، لكنه تجاهل ما يثبته الواقع الميداني والسياسي من توتر في العلاقة بين الطرفين. فقد ظلت نواكشوط على مسافة محسوبة من الجبهة لأسباب دبلوماسية وأمنية، لكنها لا تعتبرها شريكًا استراتيجيًا. بل إن الجيش الموريتاني قام مؤخرًا بإغلاق منطقة لبريكة الصحراوية، التي كانت تستغلها الجبهة لشن محاولات هجومية ضد المملكة المغربية، في خطوة فُهمت على نطاق واسع كرفض صريح لأي نشاط عسكري انفصالي في نطاق النفوذ الموريتاني.
تأتي هذه التصريحات من غالي في وقت تزداد فيه عزلة الجبهة على الساحة الدولية، وتتوالى النجاحات الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء. فقبل أيام قليلة، أعلنت سوريا رسميًا إغلاق مكاتب “البوليساريو” على أراضيها، في خطوة تسبق إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق، ما يُعتبر تحولاً استراتيجياً في العلاقات المغربية السورية بعد سنوات من القطيعة.
وفي تطور آخر لافت، وقّع وزير الخارجية الكيني بيانًا مشتركًا في الرباط، إلى جانب نظيره المغربي، أقرت فيه كينيا -التي كانت تعد من أبرز داعمي الجبهة الانفصالية- بأن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو الحل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق والمستدام لتسوية النزاع.
ولم تتوقف الضربات الدبلوماسية عند هذا الحد، إذ أعربت بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، خلال الأيام الماضية عن موقفها الداعم لذات المبادرة المغربية، ووصفتها بأنها “الأكثر واقعية وبراغماتية” لحل النزاع في الصحراء، ما شكل صفعة قوية جديدة للجبهة وراعيها الإقليمي الجزائر.
وبينما تحاول “البوليساريو” عبر رسائل المناسبات الظهور في ثوب الكيان المعتدل الباحث عن الحوار، تواصل الحقائق الميدانية والسياسية عكس ذلك تمامًا، في ظل تآكل الدعم الدولي وانهيار عدد من تحالفاتها التقليدية، في وقت يرسّخ فيه المغرب حضوره الإقليمي والدولي كقوة موثوقة وفاعلة في ملف الصحراء.
التعاليق (0)