المصدر: الصحيفة

في الوقت الذي لا زالت فيه المعركة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر قائمة إثر التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في الكركارات، سيتواجه البلدان مجددا في معركة أخرى اقتصادية وسياسية هذه المرة، لحسم ملف أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بأوروبا، إذ ينتظر أن تحسم لجنة الطاقة والمعادن في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو”، يوم غد الأربعاء، قرارها بخصوص المشاركة في المشروع الذي يقام بشراكة بين أبوجا والرباط.

وينتظر أن يطلق اجتماع الغد رصاصة الرحمة على مشروع جزائري مماثل يعود لسنة 2002 وحاولت الجزائر إحياءه مؤخرا أياما بعد عملية الكركارات، إذ ستتدارس اللجنة، التي تضم في عضويتها ممثلا عن الحكومة النيجيرية، إمكانية اعتماد المشروع الذي وُقعت مذكراته في 10 يونيو 2018 بين المغرب ونيجيريا أمام أنظار الملك محمد السادس والرئيس محمدو بخاري، وذلك من أجل ضمان الأمن الطاقي لدول غرب إفريقيا وأيضا تفاديا للمخاطر الهجمات الإرهابية.

ورغم أن تكلفة المشروع الذي تقترحه الجزائر لا تتجوز 20 مليار دولار، إلا أن المسار الذي يتخذه خط الأنابيب الذي تقترحه والذي يمر من نيجيريا إلى النيجر وصولا إلى الجزائر يمثل ضربة قاسمة للفكرة كونه يمر من مواقع التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، والتي تعالت بعد تصفية الجيش الفرنسي للجزائري عبد المالك دروكدال الملقب بـ”أبي مصعب عبد الودود” زعيم “تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” في يونيو الماضي، ليعوضه جزائري آخر هو مبارك يزيد، الملقب بـ”أبي عبيدة العنابي”.

Gazoduc nigeria maroc decembre 2016 e1607442537649

ويجعل موقع الأنبوب الجزائري هذا المشروع في مرمى نيران الجماعات المتطرفة ما يعني أنه قد يتحول إلى كارثة اقتصادية أو قد يستدعي تحركات عسكرية لحمايته، ما سيحول محيطه إلى ساحة حرب ضد تنظيم القاعدة، الأمر الذي يعطي الامتياز للمشروع الرابط بين نيجيريا والمغرب الذي تبلغ تكلفته المبدئية 25 مليار دولار، وسيسمح بنقل 40 مليار متر مكعبا من الغاز النيجيري سنويا على طور 5660 كيلومترا من الأنابيب الموجودة في مواقع تحظى بالحماية.

لكن دعم دول غرب إفريقيا لهذا المشروع نابع أيضا من فائدته المرجوة على المنطقة بكاملها حيث إنه يمر بـ13 دولة هي نيجيريا والبنين والطوغو وغانا والكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وغامبيا والسينغال وموريتانيا والمغرب، كما يتفرغ للوصول إلى بوركينا فاسو ووسط مالي بعيدا عن المخاطر الأمنية الموجودة في شمال البلاد على الحدود الجزائرية، وهو ما يعني أن المشروع سيوفر فرصا للتنمية الاقتصادية في جميع تلك الدول.

وسياسيا، سيشكل هذا المشروع اعترافا ضمنيا من جميع تلك الدول بمغربية الصحراء، كونه يمر من هذه المنطقة، والمرجح، وفق التصور الأول، أن يتخذ خطا ساحليا يبدأ من الكركارات ويصل إلى طنجة، ما يعني أن نيجيريا التي كانت إحدى أبرز داعمي جبهة “البوليساريو” في القارة الإفريقية ستصبح خارج المعادلة الانفصالية، وهو ما يفسر مسارعة وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، يوم 27 نونبر الماضي إلى الطيران نحو أبوجا للقاء نظيره النيجيري جيفري أونياما في محاولة لإحياء المشروع المشترك بين البلدين والذي دخل مرحلة الموت السريري منذ 18 عاما.

المقالات الأكثر قراءة

التعليقات مغلقة.