من النحو إلى السياسة.. كيف كشفت عبارة غريبة ارتباك الجزائر في ملف الصحراء؟

علمي المغرب والجزائر بخلفية الصحراء مختارات علمي المغرب والجزائر بخلفية الصحراء

أثار عنوان صحفي جزائري "قد لن تصوت" سخرية واسعة لخطئه النحوي، لكنه اعتبر انعكاسًا لارتباك سياسي وإعلامي جزائري بسبب دعم أمريكي لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء. يرى مراقبون أن الخطأ يعكس حالة التردد في ظل تقدم المغرب دبلوماسيًا وافتتاح قنصليات أجنبية في الصحراء، بينما يواجه الإعلام الجزائري صعوبة في مواكبة التطورات.

أثار عنوان نشرته صحيفة الخبر الجزائرية اليومية، المحسوبة على التيار العسكري، موجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن استخدمت عبارة غير مألوفة لغويًا: “الجزائر قد لن تصوّت”، في سياق تغطيتها للمستجدات المتعلقة بملف الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن الدولي.

الصحيفة كانت تتابع باهتمام مجريات النقاش حول المشروع الأمريكي الذي يدعم مقاربة المغرب في قضية الصحراء، غير أن العنوان بدا وكأنه انعكاس لحالة الارتباك التي يعيشها الموقف الرسمي الجزائري بعد هذه التطورات الدبلوماسية المتسارعة.

صحيفة الخبر الجزائرية تثير الجدل بعنوان قد لن تصوّت وسط النقاش حول الصحراء المغربية

حين تتيه البوصلة… وتتيه اللغة العربية

الإعلامي المغربي محمد واموسي علّق ساخرًا على هذا العنوان، قائلًا إن الصدمة السياسية كانت قوية إلى درجة أن “اللغة العربية نفسها انفصلت عنهم”، مضيفًا أن الصحيفة “اخترعت تركيبًا لغويًا جديدًا لم يسمع به سيبويه من قبل”.

وأوضح واموسي أن من الناحية النحوية، “قد” لا يمكن أن تدخل على أداة النفي “لن”، لأن “قد” تُستعمل مع الفعل الماضي أو المضارع، بينما “لن” تنصب الفعل المضارع وتنفيه مستقبلًا. والصيغة الصحيحة، بحسبه، هي: “الجزائر قد لا تصوّت”.

بين السياسة والنحو: دلالة ما وراء العنوان

ورغم أن الخطأ لغوي في ظاهره، إلا أنه يعكس – وفق متابعين – حالة من الارتباك السياسي والإعلامي في الجزائر بعد مؤشرات متزايدة على أن مجلس الأمن يتجه نحو دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره الحل الواقعي والعملي للنزاع.

ويشير مراقبون إلى أن استعمال عبارة “قد لن تصوّت” قد لا يكون مجرد خطأ مطبعي، بل رمزًا لحالة التردد والارتباك التي يعيشها الإعلام الرسمي في التعاطي مع المتغيرات الدولية المتسارعة في هذا الملف الحساس.

المشروع الأمريكي في مجلس الأمن: دعم واضح للمغرب

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع تداول مسودة مشروع قرار أمريكي داخل مجلس الأمن، تؤكد مجددًا دعم الأمم المتحدة للمسار السياسي الذي تقوده المنظمة الدولية تحت إشراف مبعوثها الشخصي ستافان دي ميستورا، وترسخ في الوقت نفسه مبدأ الواقعية والتوافق كأساس للحل، وهو ما يتطابق تمامًا مع الرؤية المغربية للحكم الذاتي.

وتشير المعطيات الأولية إلى أن واشنطن متمسكة بصيغة توازن بين دعم جهود المغرب وإشراك الأطراف الأخرى في العملية السياسية، غير أنها لا تُخفي تأييدها الصريح لجهود الرباط في التنمية والاستقرار بالمنطقة، وهو ما يُعد تطورًا دبلوماسيًا جديدًا يعزز موقع المغرب ويضع خصومه في موقف دفاعي داخل أروقة الأمم المتحدة.

الصحراء.. المغرب يواصل حصد الدعم الدولي

في مقابل هذا الارتباك الجزائري، يواصل المغرب تعزيز حضوره الدبلوماسي في القارة الإفريقية وفي الساحة الدولية، حيث أعلنت خلال الأشهر الأخيرة دول من أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا وأوروبا دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي، معتبرة إياها الحل الواقعي الوحيد للنزاع الإقليمي.

كما شهدت الأقاليم الجنوبية المغربية طفرة تنموية واقتصادية غير مسبوقة، مع افتتاح أكثر من 30 قنصلية أجنبية في العيون والداخلة، ما يعكس التحول العميق في موازين الدعم الدولي لصالح الموقف المغربي، مقابل تراجع الخطاب الدعائي المعادي لوحدة المملكة الترابية.

حين تعكس اللغة ما تخفيه السياسة

من الواضح أن لغة العناوين الصحفية، في بعض الأحيان، تقول أكثر مما تريد قوله. فبين “قد” و“لن”، تجلّى ارتباك سياسي حقيقي، ليس فقط في القرار، بل حتى في التعبير عنه.

ومهما يكن، فإن الموقف المغربي يبدو اليوم أكثر رسوخًا داخل أروقة الأمم المتحدة، بينما تواصل بعض المنابر الإعلامية في الجوار الشرقي البحث عن توازن بين الخطاب الدعائي والواقع الدبلوماسي الجديد.


  • تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً