فرنسا تضع الجزائر تحت مجهر باريس بصفعة جديدة

فرنسا والجزائر مختارات فرنسا والجزائر

في تطور لافت يزيد من حدة التوتر بين باريس والجزائر، كشفت تقارير صحفية فرنسية عن دراسة جادة تجريها وزارتا الاقتصاد وداخلية فرنسا لتفعيل عقوبات مالية غير مسبوقة ضد نحو 20 شخصية جزائرية “نافذة”.

وتهدف هذه العقوبات، التي قد تشمل تجميد ممتلكات هؤلاء المسؤولين في فرنسا، إلى الرد على تصاعد “الاستفزازات” والتدخلات الجزائرية في الشؤون الفرنسية.

تأتي هذه الخطوة في خضم أزمة دبلوماسية متصاعدة بين البلدين، تفاقمت بفعل سلسلة من الأحداث، أبرزها اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، ورفض الجزائر المتواصل استقبال مواطنيها المطرودين من فرنسا، بالإضافة إلى ما يُتهم النظام الجزائري بالقيام به من استغلال للجالية الجزائرية في فرنسا عبر مؤثرين يروجون لخطاب الكراهية.

ولعل نقطة التحول الأبرز كانت حادثة اختطاف المعارض الجزائري واليوتيوبر “أمير دي زاد” من الأراضي الفرنسية على يد عناصر جزائرية.

هذه الحادثة، التي أدت إلى توقيف عميل قنصلي جزائري متورط فيها، سرعان ما تبعها رد فعل جزائري بطرد 12 دبلوماسياً فرنسياً، ثم رد فرنسي مماثل، لتتصاعد الأزمة بطرد الجزائر 15 موظفاً فرنسياً إضافياً مؤخراً.

تهديدات فرنسية بـ “رد حازم” وقائمة أولية من الأسماء:

وصفت فرنسا ردها بـ “الفوري، الحازم والمتناسب”، حيث علقت وزارة الخارجية الفرنسية في 16 مايو اتفاقية 2007 التي تسمح لحاملي الجوازات الدبلوماسية بالتنقل بين البلدين دون تأشيرة.

لكن التهديد الأكبر يكمن في تجميد ممتلكات كبار المسؤولين الجزائريين في فرنسا، وهي فرضية أصبحت “محل دراسة جدية”، بحسب ما نقلته “لكسبرس” الفرنسية.

وقد تم بالفعل إعداد قائمة أولية تضم حوالي عشرين مسؤولاً جزائرياً يشغلون مناصب عليا في المجالات الإدارية والأمنية والسياسية، ويملكون ممتلكات أو مصالح مالية في فرنسا.

ويُعتقد أن بعض هؤلاء المسؤولين متورطون في قضية أمير دي زاد أو في قرارات تتعلق برفض إصدار التصاريح القنصلية.
ويُشير مصدر حكومي فرنسي إلى أن “نحو 801 من أفراد النخبة الجزائرية لديهم مصالح مالية في فرنسا ويزورونها بانتظام، دون احتساب العسكريين”، ما يوضح حجم الإمكانيات الفرنسية في هذا الصدد.

ورغم أن هذه العقوبات كانت مخصصة في البداية لحالات رفض الجزائر استعادة مواطنيها، إلا أنها قد تُستخدم الآن كأداة ضغط دبلوماسية في سيناريوهات أخرى. وتدرس باريس نشر قائمة الأسماء كتحذير أولي إذا أقدمت الجزائر على خطوات عدائية جديدة.

وتؤكد المصادر الفرنسية أن الجزائر لن تستطيع الاستناد إلى حماية قوانين الاتحاد الأوروبي في هذه الحالة.

فبعكس العقوبات المفروضة على رجال أعمال روس، سيكون تجميد الأصول الجزائرية بموجب القانون الفرنسي المحلي، الذي يسمح منذ عام 2006 بتجميد أموال الأشخاص المرتبطين بأعمال إرهابية.

وحتى في حال تعذر إثبات صلة بالإرهاب، تملك فرنسا ورقة ضغط أخرى تتمثل في مبدأ “المصالح الأساسية للأمة”، المنصوص عليه في مادة جديدة من قانون النقد والمالية الفرنسي دخلت حيز التنفيذ في يوليو 2024.

هذه المادة تجيز تجميد أصول أي شخص متورط في أعمال تدخل لصالح قوة أجنبية بهدف الإضرار بالمصالح الوطنية الفرنسية. ويُعد النظام الجزائري، بحسب تحقيقات سابقة، “متمرسًا” في مثل هذه التدخلات، سواء من خلال تأجيج الشارع الفرنسي أو حملات الكراهية أو تحويل بعض المؤسسات الدينية إلى أداة تأثير سياسي.

ووفقًا لمحامٍ متخصص في تجميد الأصول، فإن نشر قائمة الأسماء ما هو إلا مقدمة لعقوبات أكثر صرامة. ففي حال تطبيق الإجراء، سيُمنع المعنيون من دخول ممتلكاتهم أو التصرف بحساباتهم المصرفية لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

ويتطلب تفعيل هذه العقوبات إثبات الحكومة الفرنسية أن الأشخاص المستهدفين قد أضروا عمدًا بالمصالح الفرنسية.

هذا التهديد قد يُرعب النظام الجزائري من أعلى مستوياته، خاصة بعد نشر تحقيق في 10 مايو استند إلى وثائق سرية، يثبت تورط الرئيس الجزائري شخصيًا في العمليات الاستخباراتية الجزائرية داخل فرنسا وإسبانيا، والتي استهدفت المعارضين وكل من يرفض شرعيته.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً