المقال يسخر من "مختص" جزائري ادعى أن الجزائر أقوى عسكرياً من فرنسا وإسبانيا معاً. يعرض المقال تحليلاً ساخراً لادعاءاته، مبرزاً تجاهلها للواقع وتماديه في المبالغة. ينتقد المقال هذا النوع من التحليل الذي يعتمد على رفع المعنويات وتجاهل الحقائق، ويقارنه بتحليل رياضي خاطئ. ويدعو إلى تبني التحليل الواقعي المبني على المعطيات الموثوقة.
في خضم التنافس المحموم على لقب “التحليل الاستراتيجي العسكري الأكثر إدهاشاً في العالم”، يطل علينا بين الفينة والأخرى نجوم لامعة تضيء سماء الإعلام بالجزائر، ليس بالعقلانية أو المنطق، بل بقدرتها الفائقة على رؤية ما لا يُرى ووصل ما لا يُوصل، تماماً مثلما وعدنا الفيديو الأخير الذي نشره الاعلامي المغربي محمد واموسي.
لقد تفضل علينا أحد “المختصين” الجزائريين “بلا حيا بلا حشما” في التحليل الاستراتيجي العسكري (ويا له من تخصص! يُدرّس غالباً في كليات الإبهار واللامعقول) بمنحة معرفية فريدة من نوعها: “الجزائر أقوى عسكرياً من فرنسا وإسبانيا مجتمعتين”. لحظة صمت، من فضلكم، احتراماً لهذا القول الذي قطع القارات أسرع من الأقمار الصناعية، وربما أسرع من صوت الرصاصة نفسها!
المختص الذي يرى ما لا يراه البنتاغون
في البداية، علينا أن نعترف بعبقرية هذا المحلل. فبينما تقضي المؤسسات العسكرية الكبرى في العالم سنوات في دراسة موازين القوى، وميزانيات الدفاع، ونوعية العتاد، وتدريب الأفراد؛ ينجز “مختصنا” كل هذا بلمسة زر سحرية، أو ربما بنظرة ثاقبة لا تخطئها العين، حتى وإن كانت تتجاهل أسطول حاملات الطائرات الفرنسية وكونها قوة نووية، أو القوة البحرية الإسبانية المتطورة.
ما يثير السخرية فعلاً هو أن هذا النوع من التحليل لم يعد يقتصر على كونه مجرد رأي فردي، بل أصبح يمثل منهجية إعلامية متكاملة تهدف إلى رفع المعنويات (على ما يبدو) عبر تجاهل المعطيات الواقعية بالجملة. وكأننا أمام مباراة في كرة القدم، حيث يصرّ المحلل على أن فريقه فاز بخمسة أهداف نظيفة، بينما النتيجة الحقيقية هي التعادل السلبي، بل وربما الخسارة!
درس في “الاقتصاد العسكري الخيالي”
إن قوة أي جيش تُقاس بعدة عوامل، لكن هذا المحلل اختار أن يقيسها بمعيار جديد: “قوة الرغبة في التصريح”.
- فرنسا: ميزانية دفاع تقدر بعشرات المليارات، صناعة عسكرية متطورة (رافال، غواصات نووية، إلخ).
- إسبانيا: عضو في الناتو، تكامل استراتيجي مع القوى الأوروبية.
- الجزائر (حسب المختص): قوة عظمى تخفي سراً لا يعلمه إلا هذا المحلل، ربما لديها أسلحة “سريّة” غير مرئية حتى للرادارات!
من موقعنا، الذي اعتاد على التعامل ببراغماتية مع قضايا الدفاع والسياسة، لا يسعنا إلا أن نصفق لهذا الخيال الخصب. لعلنا نطلب منه أن يعطينا دروساً في كيفية التحليل الاقتصادي، فإذا كانت الجزائر أقوى من إسبانيا وفرنسا عسكرياً، فمن المؤكد أنها أقوى منهما اقتصادياً، رغم كل الأرقام التي تقول عكس ذلك!
تعلموا يا أهل التحليل!
يا أيها الزملاء في عالم التحليل الاستراتيجي، تعلموا من هذا “المختص العابر للقارات”. لا تحتاجون إلى بيانات، ولا تحتاجون إلى تقارير دولية، ولا حتى إلى آلة حاسبة! كل ما تحتاجونه هو كاميرا، وعنوان صادم، والجرأة على نطق ما لا يقبله عقل.
أما نحن في المغرب، فسنكتفي بمتابعة تقارير المؤسسات الدولية المتخصصة ومواكبة التطورات الحقيقية في مجال الدفاع، مع وعد بأننا سنترك مساحة دائماً لمشاهدة هذه التحليلات الترفيهية الفاخرة التي تمنحنا جرعة يومية من الابتسامة على طريقة: “ضحك لي الدنيا تضح ليك”.
- تم تحرير هذا المقال من قبل فريق موقع “أنا الخبر” اعتمادًا على مصادر مفتوحة، وتمت مراجعته بعناية لتقديم محتوى دقيق وموثوق.

التعاليق (0)